فليتأمل واستدل أيضا لحرمته وبطلان الصلاة به بوجوه أشار المصنف رحمه الله إلى أغلبها فيما حكى عن معتبره حيث قال ما لفظه لنا قوله صلى الله عليه وآله ان هذه الصلاة لا يصلح فيها بشئ من كلام الآدميين والتأمين من كلامهم وقوله عليه السلام انما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن وانما للحصر وليس التأمين أحدها ولان معناها اللهم استجب ولو نطق بذلك أبطل صلاته فكذا ما قام مقامه ولان النبي صلى الله عليه وآله علم الصلاة جماعة ولم يذكر التأمين من ذلك ما رواه أبو حميد الساعدي في جماعة من الصحابة منهم أبو قتادة قال قال أبو حميد انا أعلمكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا اعرض علينا قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عضو في موضعه معتدلا ثم يقرء ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يركع والزيادة على فعل النبي صلى الله عليه وآله غير مشروع ولان التأمين يستدعى سبق دعاء ولا يتحقق الدعاء الا مع قصده فعلى تقدير عدم قصده يخرج التأمين عن حقيقته فيكون لغوا ولأنه لو نطق بها تأمينا لم يجز الا لمن قصد الدعاء لكن ليس ذلك شرطا بالاجماع اما عندنا فللمنع مطلقا واما عند الجمهور فللاستحباب مطلقا انتهى وعن غير واحد دعوى اجماع الفقهاء وأهل العربية أيضا كما عن بعض على عدم كونه قرانا ودعاء وعن المحقق البهبهاني في حاشية أنه قال إن امين عند فقهائنا من كلام الآدميين انتهى ويتوجه على جميع هذه الوجوه اجمالا بعد الغض عما يتوجه على كل واحد منهما من المناقشات انه لو قرء شخص الفاتحة أو سمعها من اخر والتفت إلى ما تضمنته من طلب الهداية ونحوها فتكلم بكلمة امين قاصدا بها سؤال إجابة ذلك الدعاء من الله تعالى وان لم يكن الدعائية مقصودة لمن قرأها فقد استعمل هذه الكلمة في محلها وصدق عليه اسم الدعاء عرفا سلمنا عدم صدق اسم الدعاء عليها بل كون استعمالها في مثل هذا المكان لحنا ولكنها لا تخرج بذلك عن كونها مناجاة مع الرب ولو بكلمة ملحونة فتندرج في موضوع قوله عليه السلام كلما ناجيت به ربك فهو من الصلاة لولا الأخبار المتقدمة الناهية عنها المخصصة لمثل هذه العمومات هذا مع أن ما قيل من أنه اسم للدعاء وليس هو بنفسه دعاء وادعوا عليه اجماع أهل العربية ففيه انه كلام صوري واجماع أهل العربية مرجعه إلى امر صناعي كما نبه عليه المحقق الرضي في شرحه على الكفاية حيث قال على ما حكى عنه ما لفظه وليس ما قال بعضهم ان صه مثلا اسم للفظ اسكت الذي هو دال على معنى الفعل فهو علم للفظ الفعل لا لمعناه بشئ إذ العربي القح ربما يقول صه مع أنه لا يخطر بباله لفظ اسكت وربما لم يسمعه أصلا ولو قلت إنه اسم لاسكت أو امتنع أو كف عن الكلام أو غير ذلك مما يؤدي هذا المعنى لصح فعلمنا ان المقصود منه المعنى لا اللفظ وقال والذي حملهم على أن قالوا إن هذه الكلمات وأمثالها ليست بافعال مع تأديتها معاني الافعال امر لفظي وهو ان صيغها مخالفة لصيغ الافعال وانها لا تتصرف تصرفها وتدخل اللام على بعضها والتنوين في بعض انتهى ثم إن قضية اطلاق خبر زرارة وكذا اطلاق الجواب في رواية ابن سنان من غير استفصال كاطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية عدم الفرق بين الفريضة والنافلة في الحكم المزبور حرمة وابطالا ولكن مورد النصوص وكثير من الفتاوي وبعض معاقد الاجماعات انما هو بعد الفاتحة كما هو المتعارف عند العامة فلا يستفاد منها حرمة قول أمي ومبطلتها للصلاة مطلقا ولو في سائر الأحوال فمقتضى ما قويناه من عدم اندراجه من حيث هو في الكلام المبطل اختصاص المنع بمورد دلالة الدليل وهو في اخر الحمد كما قواه غير واحد فما حكى عن ظاهر بعض وصريح آخرين من عموم المنع عنه في سائر أحوال الصلاة كما يقتضيه استدلال المشهور للمنع بكونه من كلام الآدميين ضعيف والاستدلال عليه باطلاق كثير من معاقد الاجماعات المحكية وصريح بعضها كعبارة الخلاف المتقدمة ضعيف لعدم حجية نقل الاجماع خصوصا مع استناد جملة من المجمعين ان لم يكن جميعهم في فتواهم إلى ما ادعوه من أنه من كلام الآدميين فلا اعتماد على اجماعهم بعد البناء على ضعف المبني كما هو واضح وربما يؤيد الجواز بعض الأدعية المشتملة على لفظة امين المأثورة عن الأئمة عليهم السلام في القنوت وغيره فيما حكى عن كتاب المهج والبلد الأمين وغيره واضعف من ذلك ما في العبارة المتقدمة عن المعتبر وغيرها من الحكم ببطلان الصلاة يقول اللهم استجب في اخر الحمد فإنه لم يعرف له وجه عدى تخيل انه يوجب صرف القراءة عن حقيقتها أو انه يستدعي سبق دعاء ولا دعاء قبله فان ما تحقق من الدعاء في ضمن القراءة فقد صدر بعنوان الحكاية لا يقصد الدعاتية وشئ منهما ليس بشئ فان قول اللهم استجب كقول اللهم اغفر في حد ذاته دعاء لا يتوقف صحته على أن يكون مسبوقا بدعاء أو مذكورا متعلقه بل يكفي تقديره بان يقدر دعاء المؤمنين أو المخلوقين أو ما يدعوه فيما بعد أو نحو ذلك وكونه كذلك يصحح ايقاعه في الصلاة ولو ممن لا يعرف معناه كسائر الأدعية والأذكار التي يقرئها العجمي ونحوه ممن لا يعرف معانيها كما يخفى ثم إن حرمة قول امين انما هو في حال التقية واما مع التقية فلا شبهة في جوازه بل وجوبه عند وجوبها إذا توقف الاتقاء عليه ولا تبطل به الصلاة حينئذ كما صرح به غير واحد بل قال شيخنا المرتضى رحمه الله والظاهر الاجماع على في لبطلان حينئذ حتى ممن جعله من كلام الآدميين الذي لا يوجب الاكراه عليه رفع حكمه انتهى ووجهه دلالة الأدلة الدالة على جواز الصلاة معهم تقية وصحتها مع استلزامها اختلال جملة من اجزائها وشرائطها التي هي من قبيل ترك التكتف والتامين والجهر بالقراءة ونحوه على اغتفار مثل هذه الأمور حال التقية كما هو واضح ولو تركها والحال هذه عصى ولكن لا تبطل صلاته فان متعلق الحرمة امر خارج عن حقيقة الصلاة المسألة الثانية الموالاة في القراءة شرط في صحتها كما صرح به غير واحد من القدماء والمتأخرين بل في الجواهر لا أجد فيه خلافا بين أساطين المتأخرين والمراد بالموالاة على ما يظهر من كلماتهم كما صرح به بعض ان لا يتخلل بين ابعاضها سكوت معتد به أو كلام مغائر عدى ما ورد النص بجوازه كسؤال الرحمة والتعوذ من النار عند قراءة اتيتهما ونحوه واستدل له بان النبي صلى الله عليه وآله كان يوالي في قرائته فيجب التأسي به لعمومات التأسي وخصوص قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي وفيه ان استفادة وجوب مثل هذه الأمور الجارية مجرى العادة من مثل قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي فضلا عن عمومات التأسي محل نظر بل منع فالوجه ان يقال تبعا لما حققه غير واحد من متأخري المتأخرين ان المتبادر من أوامر القراءة في الصلاة ولو بواسطة المناسبات المغروسة في الذهن الناشئة من خصوصيات
(٣١٣)