فهي قاصرة عن إفادة الوجوب كما لا يخفى وحكى عن الصدوق وفي الفقيه ما يظهر منه القول بعدم وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في التشهد فإنه قال على ما حكى عنه إذا رفعت رأسك من السجدة الثانية تشهد وقل بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ارسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ثم انهض إلى الثانية إلى أن قال فإذا صليت الركعة الرابعة فتشهد وقل في تشهدك إلى اخر ما ذكره ولم يذكر فيه الصلاة أيضا بل قال بعد ان فرغ من ذلك ويجزيك في التشهد الشهادتان تنبيها على عدم وجوب سائر الفقرات التي تضمنتها عبارته وعن موضع اخر منه بعد ان ورد الحديث الدال على فساد الصلاة بقول تبارك اسمك وتعالى جدك قال هذا في التشهد الأول واما في التشهد الثاني بعد الشهادتين فلا بأس به لان المصلى إذا تشهد الشهادتين في التشهد الأخير فقد فرغ من الصلاة وحكى عن الذكرى انه نقل عن الصدوق في المقنع أيضا انه لم يذكر الصلاة في التشهد بل قال أدنى ما يجزي من التشهد ان يقول الشهادتين أو يقول بسم الله وبالله ثم يسلم ونقل عن والده أيضا في الرسالة انه لم يذكر الصلاة على النبي في التشهد الأولى ثم ثم قال والقولان شاذان لا يعدان يعارضهما اجماع الامامية على الوجوب انتهى ونسب إلى ابن الجنيد القول بالاجتزاء بها في أحد التشهدين وفي الجواهر بعد ان ادعى انحصار نقل الخلاف في المسألة فيما حكى عن الصدوق ووالده وابن الجنيد قال مع أن المحكى عن امالي الأول من دين الإمامية الاقرار بأنه يجزى في التشهد الشهادتان والصلاة على النبي وآله فيقوى في الظن ان تركها في مثل الفقيه لمعروفية فعل الصلاة عقيب اسم الرسول ولا ينافيه قوله بعد ذلك فيه ويجزيك في التشهد الشهادتان على أن المحكى عن الذكر ولو في غير التشهد فلعل الترك ح لذلك انتهى أقول ارتكاب هذا التأويل في العبارة المحكية عن الفقيه التي وقع فيها التعرض لبيان ما يقوله مفصلا في غاية البعد وليس لعبارته المحكية عن الأمالي ظهور يعتد به فيما ينافيه فلعل ضم الصلاة إلى الشهادتين هيهنا بلحاظ ان الاجتزاء بالشهادتين لم يكن مسلما لدى الجميع حتى يجعل الاقرار به من دين الإمامية فلا ينافي ذلك جوازه لديه هذا مع أن حكى في مطالع الأنوار عنه في الأمالي أنه قال ويجزي في التشهد الشهادتان وجعله مما ثبت في دين الإمامية وربما يؤيد هذا الحكاية ما في المستند وغيره من نسبة القول بكفاية الشهادتين إلى الصدوق في جميع كتبه وتحقيق حال النسبتين يتوقف على مراجعة أصل الكتاب وكيف كان فالظاهر أن الصدوق بل وكذا والده يقول بكفاية الشهادتين وربما يشهد لهذا القول جملة من النصوص التي قدم كثير منها كقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة إذا استويت جالسا فقل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف وقوله عليه السلام في خبر سورة بن كليب في جواب السؤال عن أدنى ما يجزى من التشهد الشهادتان وفي صحيحة زرارة المتقدمة في جواب السؤال عما يجزي من القول في التشهد الأول قال إن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وفي الجواب عما يجزي في الأخيرتين قال الشهادتان وصحيحة الأخرى عن أبي جعفر عليه السلام أيضا في الرجل يحدث بعد ان يرفع رأسه في السجدة الأخيرة وقبل ان يتشهد قال ينصرف فيتوضأ فان شاء رجع إلى المسجد وان شاء ففي بيته وان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم وان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته وفي الصحيح عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان مستعجلا في امر يخاف ان يفوته فسلم وانصرف اجزئه وقد يجاب عن هذه الأخبار بخروج الصلاة عن النبي صلى الله عليه وآله عن التشهد الذي يعتبر في مفهومه الشهادة فاجزاء الشهادتين في التشهد لا ينافي وجوبها وما في صحيحة محمد بن مسلم من قوله (ع) ثم تنصرف يحمل على الانصراف عن التشهد كما يؤيد ذلك عدم اختصاصه بالتشهد الأخير وقوله عليه السلام مضت صلاته في صحيحة زرارة الواردة في الرجل يحدث يحمل على الناسي أو يقيد بما بعد الصلاة بناء على استحباب التسلم وكذا في الصحيحة الأخيرة يقيد بما بعد الصلاة هذا مع احتمال التقية في بعضها أو جميعها ولا يخفي عليك ما في هذه المحامل من البعد خصوصا في حمل الانصراف الوارد في صحيحة محمد بن مسلم على الانصراف من التشهد فالانصاف ان تلك الصحيحة كادت تكون صريحة في نفي الوجوب فلا يصلح لمعارضتها شئ من الروايات المتقدمة التي غايتها الظهور في الوجوب فارتكاب التأويل فيها بالحمل على الاستحباب أهون من ارتكاب مثل هذه المحامل ولكن الأصحاب حيث راو شذوذ هذه الروايات ومخالفة ظهورها لما اشتهر بين الامامية وانعقد عليه اجماعهم كما ادعاه غير واحد التجأوا إلى ارتكاب مثل هذه التوجيهات قرارا عن طرحها وكيف كان فهذه الروايات وان كانت أوضح دلالة وأصح سندا من الروايات الدالة على الوجوب ولكنه يشكل الاعتماد عليها في صرف تلك الروايات عن ظواهر ها بعد ما عرفت فلاخذ بظواهر ما دل على الوجوب ان لم نقل بكونه أقوى فلا ريب في أنه أحوط والله العالم واما القول المحكي عن ابن الجنيد فاستدل له لصحيحة زرارة وغيرها من الأخبار المتقدمة الدالة بظاهرها على بطلان الصلاة التي لم يصل فيها على النبي صلى الله عليه وآله وتقريبه ان أقصى ما يدل عليه هذه الأخبار انما هو وجوبها في كل صلاة في الجملة فلا يثبت بذلك وجوبها في كل تشهد وفيه انه لا دلالة لمثل هذه الأخبار من حيث هي على وجوبها في أحد التشهدين أيضا لاجمالها من هذه الجهة وانما قصد بها بيان كون الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من الاجزاء المهمة التي لا يجوز الاخلال بها بل يجب الاتيان بها في موضعها المقرر في الشريعة نظير قوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فوجوب كونها في التشهد يفهم من هذه الأخبار بواسطة معروفية مشروعيتها عقيب الشهادة بالرسالة وان هذا هو محلها الموظف شرعا من غير فرق بين التشهد الأول والثاني كما يفصح عن ذلك مضافا إلى وضوح كونه كذلك في الشريعة جملة من الروايات المتقدمة الواردة في كيفية التشهد المشتملة على ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فإنها وان قصر جلها أو كلها عن إفادة الوجوب لكنها لا تقصر عن تعيين موضع الصلاة وانها من اجزاء التشهد هذا مع ما في النبوي المتقدم من التصريح بأنه إذا تشهد أحدكم في صلاة فليقل اللهم صل على محمد وال محمد المنجبر ضعفه بما عرفت تنبيه المشهود استحباب الصلاة على النبي
(٣٦٨)