صورة صلاة لا صلاة حقيقة فلا يتنجز بواسطتها النهي في حق الرجل عن أن يصلي وبحذائه امرأة تصلي لأنه فرع تحقق موضوعه لا يقال إن الفساد الناشي من قبل هذا الحكم لا يصلح ان يكون مانعا عن تحقق موضوعه فالمراد بالصلاة في الرواية الناهية عن أن يصلي الرجل وبحياله امرأة تصلي هو العمل الذي يكون صلاة لولا الشرطية المستفادة من هذا النهي نظير نهي الحائض عن الصلاة فإنه مراد به النهي عن العمل الذي هو صلاة لولا الحيض وكيف لا والا لانتقض بصورة الاقتران فان شيئا منهما ليس بصلاة مع أن كلا منهما مانع عن صحة الأخرى لأنا نقول انما يصار إلى التأويل المزبور بالنسبة إلى الصلاة الواقعة في حيز النهي بقرينة عقلية من شدة إليه كما في صلاة الحائض واما بالنسبة إلى الطرف الآخر الذي جعلت صلاته شرطا لتعلق النهي بهذا الطرف فلا داعي لارتكاب هذا التكليف فيه إذ لا مانع عقلا من أن يراد من الصلاة في قوله وامرأة تصلي بحذائه الصلاة الصحيحة المبرئة لذمتها فان من الجائز ان يصرح الشارع بأنه يشترط في صحة صلاة الرجل ان لا يصلى وبحياله امرأة تصلي صلاة صحيحة مبرئة لذمتها ويشترط في صحة صلاة المرأة عكسه وقضية ذلك اختصاص البطلان باللاحقة في صورة التعاقب وعدم صلاحيتها للتأثير في فساد السابقة لعدم كونها صلاة صحيحة ولا يتوجه عليه النقض بصورة الاقتران لان قضية اعتبار هذا الشرط شرطا في صحة صلاة كل من الطرفين حصول التمانع في صورة الاقتران فتبطلان جميعا بحكم العقل وان قصر عن شمول هذه الصورة اطلاق دليل الاشتراط إذ لا يمكن ان يتصف إحديهما بوصف الصحة كي تختص بالمانعية عن صحة الأخرى لعدم المرجح فيهما اما صحيحتان أو فاسدتان لا سبيل إلى الأول لمنافاته للشرط المزبور فيتعين الثاني وقد تلخص مما ذكر ان الأقوى صحة السابقة وفساد اللاحقة في صورة التعاقب ولكن قد يشكل ذلك فيما إذا حصلت اللاحقة لا عن عمد بناء على اختصاص شرطية في لمحاذاة بحال العمد كما قويناه فيما سبق فان اللاحقة تصح على هذا التقدير فيشكل الامر حينئذ بالنسبة إلى السابقة حيث إنها تندرج في موضوع الأخبار الناهية من أن يصلي وبحذائه امرأة تصلي ولكن لا يبعد دعوى انصراف تلك الأخبار عن مثل الفرض بل الانصاف ان هذه الدعوى قريبة جدا فان من المستبعد ان يكون لفعل صادر من شخص اخر أجنبي عن المكلف تأثير في فساد العمل الذي تلبس به المكلف أو في صحته فلا ينسبق إلى الذهن ارادته من اطلاقات الأدلة فلا يتبادر من النهي من أن يصلي الرجل وبحذائه امرأة تصلي الا المنع عن المحاذاة التي يصح استنادها إلى الرجل ولا ينافي ذلك ما تقدمت الإشارة إليه من أن المتبادر من مثل هذه النواهي إرادة الحكم الوضعي لا التكليفي الذي يكون للاختيار مدخلية في تنجزها فان المتبادر من مثل قولنا يشترط في صحة صلاة الرجل ان لا يقف في مكان يحاذيه امرأة تصلي أيضا ليس الا ما ذكر والنهي المزبور ليس الا بمنزلة هذا القول فليتأمل ومما يدل أيضا على أصل الحكم المزبور اي اختصاص البطلان باللاحقة دون السابقة صحيحة علي بن جعفر التقدمة الواردة في امرأة قامت بحيال امام قوم وصلت معهم لا يفسد ذلك على القول وتعيد المرأة صلاتها فإنها صريحة في صحة صلاة القوم الذين منهم الامام الذي لا شبهة في سبق صلاته على صلاة المرأة ولكن يتم الاستشهاد بهذه الصحيحة للمدعى بناء على أنه يكفي في البطلان مسمى الصلاة عرفا وان كانت فاسدة ولو مع قطع النظر عن المحاذاة كما حكى القول به عن بعض والا فيمكن الخدشة في الاستدلال بان من الجائز ان يكون الوجه في صحة صلاة القوم بطلان صلاة المرأة في حد ذاتها مع قطع النظر عن المحاذاة لما تقدمت الإشارة إليه انفا عند تضعيف استدلال القائلين بالمنع بهذه الصحيحة من عدم انحصار وجه الإعادة في ذلك فعلى هذا التقدير لا يتم الاستشهاد بها لما نحن فيه أيضا كما لا يخفى ولو دخل في الصلاة غفلة ثم رأى امرأة تصلي بحياله فان علم بدخولها بعده في الصلاة مضى في صلاته بناء على ما قويناه من صحيحة السابقة مطلقا وان علم بتأخره عنها أو احتمله نقض صلاته ان لم يتمكن من أن يتقدم عليها أو يتباعد عنها من غير ايجاد المنافي فان صلاتها محكومة بالصحة ما لم يعلم بتأخرها عنه فليس له ان يصلي وبحياله المرأة تصلي فعليه في مثل الفرض قطع هذه الصلاة التي شرع فيها غفلة ولو تمكن من التقدم أو التباعد بلا منافي تقدم أو تباعد ومضى في صلاته فان ما صدر منه غفلة لا يجب اعادته بمقتضى عموم لا تعاد الخ إذ الظاهر شموله لبعض الصلاة أيضا كجملتها وان لا يخلو عن تأمل واما الاجزاء اللاحقة فيأتي بها جامعة لشرطها وما بينهما من الزمان الذي يشتغل فيه بتحصيل الشرط عفو كما يظهر وجهه مما ذكرناه فيما لو أخل غفلة بستر عورته ثم ذكر في الأثناء على اشكال تقدم التنبيه عليه فيما سبق ولكن الأحوط ان لم يكن أقوى اعادتها فيما بعد فان للتأمل في المقدمات المزبورة مجال بل لا ينبغي ترك الاحتياط في الفرض الأول أيضا باتمام الصلاة ثم الإعادة هذا كله بناء على حرمة المحاذاة واما على الكراهة كما هو المختار فيمضي في صلاته مطلقا ولكن الأولى والأحوط عند تمكنه من التقدم أو التباعد بلا فعل المنافي اختباره والله العالم ويزول التحريم أو الكراهة إذا كان بينهما حائل بلا خلاف في علي الظاهر بل عن المعتبر والمنتهى دعوى الاجماع عليه ويشهد له مضافا إلى انصراف اخبار المنع عما لو كان بينهما حائل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة تصلي عند الرجل قال إذا كان بينهما حاجز فلا بأس ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي ان كان بينهما ستر أجزأه بناء على قراءة الستر بالسين المهملة والتاء المثناة فوق كما حكى عن بعض النسخ ثم إن من المتبادر من اطلاق الحاجز والستر هو الحائل المانع عن الرؤية كما أن هذا هو المنساق إلى الذهن من اطلاق الحائل في فتاوي الأصحاب بل ربما وقع التصريح به في كلام غير واحد منهم ولكن قد ينافيه صحيحة علي بن جعفر المروية عن كتاب مسائله عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل هل يصلح ان يصلي في مسجد حيطانه كوى كله قبلة وجانباه وامرأته تصلي بحياله يراها ولا تراه قال لا بأس و خبره الاخر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يصلي في مسجد قصير الحائط وامرأة قائمة تصلي بحياله وهو يراها و تراه قال إذا كان بينهما حائط قصير أو طويل فلا بأس فان هذين الخبرين صريحان في أنه لا يشترط في صحة صلاتهما وجود حائل مانع عن المشاهدة ومقتضى الجمع بينهما وبين الصحيحتين تعميم الحاجز والستر بحيث عم ما تضمنته الخبران الأخيران كما ربما يؤيد ذلك بعض الأخبار النافرة للبأس عما إذا كان بينهما شبر أو ذراع بناء على أن يكون المراد بها ما كان ارتفاعه عن الأرض بمقدار شبر أو ذراع اي الحاجز الذي يكون بهذا المقدار نعم على القول بالكراهة يمكن الجمع بينها بحمل الاخبار
(١٨١)