لاثبات امتداد الوقت مع أن الطائفة الأولى على خلاف المطلوب أول فان المقصود بها بيان دخول وقت الظهرين بمجرد الزوال وان المانع عن فعلهما في أول الوقت ليس الا السبحة التي بين يديها وانه لا عبرة بالذراع والذراعين أو الاقدام بل العبرة بمضي مقدار فعل النافلة من أول الوقت سواء طالت أم قصرت فهذه الروايات لو لم يكن فيها دلالة فلا أقل من اشعارها بان نافلة الزوال التي هي ثمان ركعات انما يؤتى بها من عند الزوال ونافلة العصر يوتى بها بعد فريضة الظهر الماتى بها بعد نافلتها ولكن المكلف مخير في أن يطولها أو يقصرها بحيث يأتي بها في أقل من الذراع والذراعين ثم لو سلم ظهور هذه الأخبار في الاطلاق يجب تقييدها بالاخبار المقيدة واستدل له أيضا بالأخبار المستفيضة الدالة على أن صلاة التطوع بمنزلة الهدية وان المكلف مخير في الاتيان بها في اي ساعة شاء من النهار وفيه انه ان تم هذا الدليل فمقتضاه كون ما قبل الزوال أيضا وقتا للنافلتين والخصم لا يقول بذلك مع أن في بعض تلك الأخبار التصريح بأنك إذا صليتها في مواقيتها أفضل فهي بنفسها تدل على أن لها أوقاتا معينة ولكن الامر موسع على المكلف فله الاتيان بها في اي جزء من النهار ولو في غير وقتها الكلام في المقام انما هو في تعيين مواقيتها واما انه يجوز التقديم عليها أو التأخير عنها وانه على تقدير التأخير هل الاتيان بها بعنوان كونها قضاء فله مقام اخر هذا ولكن تحقيق المقام يتوقف على نقل الروايات التي تقدمت الإشارة إليها مما دلت على جواز الاتيان بالنافلتين في اي ساعة من النهار وغيرها من الروايات الدالة على جواز تقديمها على الزوال وبسط الكلام فيما يقتضيه هذه الأخبار ومما يدل على جواز الاتيان بها قبل الزوال خبر محمد بن مسلم المروي عن الكافي والتهذيب قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يشتغل عن الزوال أيعجل من أول النهار قال نعم إذا علم أنه يشتغل فيجعلها في صدر النهار كلها وصحيحة إسماعيل جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني اشتغل قال فاصنع كما نصنع صل ست ركعات إذا كانت الشمس في مثل موضعها من صلاة العصر يعني ارتفاع الضحى الأكبر واعتد بها من الزوال وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الضحى قط قال فقلت له ألم تخبرني انه كان يصلي في صدر النهار أربع ركعات قال بلى انه كان يصلي يجعلها من الثمان التي بعد الظهر ومما يدل على جواز الاتيان بها في اي ساعة ما عن الكليني رحمه الله في الكافي عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال اعلم أن النافلة بمنزلة الهدية متى ما اتى بها قبلت وما عن الشيخ في التهذيب في الحسن عن محمد بن عذافر قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلاة التطوع بمنزلة الهدية متى ما اتى بها قبلت فقدم منها ما شئت واخر ما شئت وعن علي بن الحكم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي صلاة النهار ست عشرة ركعة صلها اي النهار شئت ان شئت في أوله وان شئت في وسطه وان شئت في اخره وعن يوسف عن عبد الأعلى قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن نافلة النهار قال ست عشرة ركعة متى ما نشطت ان علي بن الحسين عليه السلام كانت له ساعات من النهار يصلي فيها فإذا شغله ضيعة أو سلطان قضاها انما النافلة مثل الهدية متى ما اتى بها قبلت وعن القسم بن الوليد الغشائي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك صلاة النهار صلاة النوافل كم هي قال ست عشرة ركعة في اي ساعات النهار شئت ان تصلها صليتها الا انك إذا صليتها في مواقيتها أفضل وقد حكى عن الشيخ رحمه الله في التهذيب انه حمل هذه الأخبار على الرخصة في التقديم لمن علم من حاله انه ان لم يقدمها اشتغل عنها ولم يتمكن من قضائها قال فاما مع في لعذر فلا يجوز تقديمها واستدل على ذلك صحيحة إسماعيل بن جابر ورواية محمد بن مسلم المتقدمتين وعن الشهيد في الذكرى انه بعد ان ذكر روايات التحديد بالاقدام والأذرع قال ثم إن هنا روايات غير مشهورة في العمل كرواية القسم بن الوليد ثم ساق جملة من هذه الأخبار ثم ذكر حمل الشيخ المذكور لها وذكر ان الشيخ اعتمد في المنع من التقديم على اخبار التوقيت وعلى ما رواه ابن أذينة عن عدة انهم سمعوا أبا جعفر عليه السلام يقول كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلى من النهار حتى تزول الشمس ولا من الليل بعد ما يصلى العشاء حتى ينتصف الليل ورواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام التي نحوه بأدنى اختلاف ثم قال قلت قد اعترف الشيخ بجواز تقديمها عند الضرورة ولو قيل بجوازه مطلقا كما دلت على هذه الأخبار غاية ما في الباب انه مرجوح كان وجها انتهى وقد حكى عن جماعة من المتأخرين اختيار ما استوجهه الشهيد وفي كلامه التنبيه على عدم صلاحية شئ من المذكورات لمعارضة هذه الروايات المطلقة التي هي صريحة في الاطلاق ووجهه ظاهر إذ يكفي نكتة التخصيص ذلك الوقت بالامر بايقاع النافلة فيه وتأخير المعصومين عليهم السلام نافلتهم إلى ذلك الوقت مرجوحيتها في غير ذلك الوقت بالإضافة إليه فلا يستفاد من تلك الأخبار عدم جواز الاتيان بها في غير ذلك الوقت حتى يتحقق المعارضة لكن في الحدائق انتصر للشيخ حيث قال بعد ان ذكر كلام الشهيد كما قدمناه والأظهر عندي ما ذكره الشيخ لاخبار التحديد بالأذرع والاقدام فإنها صحيحة مستفيضة صريحة في أن للنافلة وقتا معينا محدودا لا يقدم عليه ولا يؤخر عنه الا ان يكون على جهة القضاء والترجيح لو ثبت التعارض لهذه الأخبار لما ذكرناه من صحتها واستفاضتها وصراحتها واعتضادها بعمل الطائفة قديما وحديثا إلى أن قال فيجب ارتكاب التأويل فيما عارضها بان يحمل التقديم على الرخصة في مقام العذر انتهى وأنت خبير بأنه ليس في هذه الأخبار اشعار بأنه لا يجوز التقديم الامر باب دليل الخطاب الذي لا عبرة به فضلا عن صراحتها في ذلك نعم لو كان التكليف بنافلة الزوال مثلا في الوقت المعين الزاميا وكان امر مطلق متعلق بفعلها في النهار على الاطلاق لكان مقتضى القاعدة تقييدا لاطلاق لكن لا لظهور التوقيت في عدم جواز التقديم والتأخير بل لان الالزام بالمقيد ينافي إرادة الاطلاق من المطلق وهذا بخلاف ما لو كان التكليف استحبابيا كما فيما نحن فيه فلا مقتضى حينئذ للتقييد كما تقدم تحقيقه في كتاب الطهارة مرارا فضلا عما لو كان المطلق نصا في الاطلاق كما في المقام فان مقتضي الجمع حينئذ ولو فيما كان التكليف الزاميا حمل المقيد على كونه أفضل الافراد خصوصا
(٤٤)