الكيفية التي علمنا من مداومته ملحوظيتها لديه كما لو قرء في جميع صلاته مثلا سورة التوحيد جهرا بحيث علم من مداومته صلى الله عليه وآله كون جهريتها ملحوظة لديه ثم علم بدليل خارجي ان خصوصية السورة ليست معتبرة في الصلاة وانما وجهها كونها سورة من القران فليتأمل ويشهد أيضا بمعهودية الاخفات في الأخيرتين من الصدر الأول صحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام أيقرء فيهما بالحمد وهو امام يقتدي به فقال إن قرأت فلا بأس وان سكت فلا بأس إذ الظاهر أن مراد السائل بالركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام هما الأخيرتان فالتعبير بالصمت بلحاظ عدم كونه معلنا بالقول فكأنه صامت فيفهم من هذا السؤال كون الاخفات في الأخيرتين لديهم من الأمور المسلمة المفروغ عنها واحتمال إرادة الأوليين من الصلوات الاخفاتية بعيد عن سوق التعبير والذي يغلب على الظن وقوع السؤال في هذه الصحيحة بعد صحيحة الأخرى قال سألت أبا الحسن الأول عن الرجل يصلي خلف امام يقتدي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة قال لا بأس ان صمت وان قرء فيكون أوضح في إفادة المدعى ان في تعين إرادة الأخيرتين واحتمل بعض التقية في الرواية لموافقتها لما حكى عن أبي حنيفة من أنه ذهب إلى الصمت في الأخيرتين وفيه انه ان كانت التقية ففي الجواب لا في السؤال كيف وقد فرض السائل كون الإمام الذي يصمت في الركعتين ممن يقتدي به فهو لا يصمت بل يخفت هذا مع أن أبا حنيفة لم يذهب إلى لزوم الصمت كي يصير صفة موضحة للركعتين عندهم بل لم يوجب القراءة أو الذكر واجتزى بالسكوت وهذا لا يقتضي صيرورته عادة لهم كي يناسبه التعبير الواقع في السؤال نعم هو مناسب للجواب فلا يبعد كونه جاريا مجرى التقية وهو غير ضائر في المدعى كما لا يخفى ويمكن استفادة كون المعهود في اعصار الأئمة عليهم السلام الاخفات بالقراءة في الأخيرتين من بعض الروايات المتقدمة عند البحث في أفضلية التسبيح من القراءة مثل قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار التي وقع فيها السؤال عن القراءة خلف الإمام في الأخيرتين الإمام يقرء بفاتحة الكتاب ومن خلقه تسبح فإذا كنت وحدك فاقرء فيهما وان شئت فسبح بضميمة المستفيضة التي ورد فيها الامر بالانصات فيما يجهر به الإمام بالقراءة مع ما في جملة منها من التعليل بقوله تعالى فإذا قرء القرآن فاستمعوا له وانصتوا هو يأبى عن التخصيص مع أنه ليس في شئ من تلك الأخبار اشعار باختصاص هذا الحكم بالأوليين فهذا يكشف عن أن المتعارف في الأخيرتين لم يكن الا الاخفات والا لامرهم بالانصات عند اجهاره وكيف كان فعمدة مستند القول بوجوب الاخفات في الأخيرتين استكشاف معهودية في الشريعة من صدر الاسلام بواسطة السيرة والاجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة ونقل فعل النبي والأئمة عليه وعليهم السلام وغيرها من الشواهد والمؤيدات منضما إلى ما دل على وجوب التأسي بصاحب الشرع في صلاته من مثل قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي كما هو عمدة مستندا الاعلام على ما يظهر من كلماتهم ولولا هذا لأمكن الخدشة في دلالة الصحيحة عليه إذ الظاهر أن السائل لم يقصد بقوله فيما لا ينبغي الاجهار فيه العموم بل قصد السؤال عمن أخل بالجهر والاخفات في موضعهما على حسب ما كان معهودا لديهم فمراده بكلمة ما اما الصلاة التي ينبغي الاجهار أو الاخفات فيها على سبيل الاجمال أو الشئ الذي كان معهودا لديهم الالتزام برعاية الوصفين فيه من اجزاء الصلاة فالانصاف ان الصحيحة من حيث المتعلق لا تخلو عن اجمال هذا ما سمعت من المدارك حكايتها عن التهذيب من وقوع السؤال فيها عن الجهر بالقراءة فيما لا ينبغي الاجهار فيه فلا يبقى حينئذ مجال لدلالتها على حكم التسبيح وكيف كان فالعمدة ما عرفت ثم إن ما ذكرناه من وجوب الاخفات في الظهرين فإنما هو في غير يوم الجمعة واما يوم الجمعة فيستحب الاجهار في الأوليين من ظهره على الأظهر الأشهر (كما يدل عليه) اخبار مستفيضة منها صحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيهما بالقراءة قال نعم والقنوت في الثانية وصحيحته الأخرى أو حسنته قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا اجهر بالقراءة فقال نعم وقال اقرأ سورة الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لنا صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة فقلت انه ينكر علينا الجهر بها في السفر فقال اجهروا وخبر محمد بن مروان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الظهر يوم الجمعة كيف نصليها في السفر فقال تصليها في السفر ركعتين والقراءة فيها جهر وظاهر هذه الأخبار خصوصا الأخيرين منها الوجوب ولكنه يتعين حملها على الاستحباب لعدم معروفية القول بالوجوب عن أحد بل قد يظهر من خبر محمد بن مسلم المتقدم مخالفة الاجهار في غير الجمعة المشتملة على الخطبتين اي صلاة الجمعة التي يشترط فيها الحضور والخطبتان لسيرة المسلمين بحيث كان بعد فعله لديهم من المنكرات مع قضاء العادة بأنه لو كان الاجهار في ظهر يوم الجمعة واجبا لصار من حيث عموم الابتلاء به من ضروريات الدين فضلا عن أن يكون خلافه معروفا بين المسلمين نعم هذه المعروفية لا ينافي استحبابه إذ رب مستحب يصير مهجورا في العادة لعلة مقتضية لاختيار خلافه الا ترى اشتهار الفتوى باستحبابه قديما وحديثا استقرار السيرة بخلافه بحيث بعد الاجهار في انظار العرف من المنكرات والحاصل ان معروفية الاخفات بين المسلمين واشتهار القول بعدم (وجوب) الجهر بين العلماء من غير نقل خلاف فيه بل نقل الاجماع عليه دليل قطعي على عدم وجوبه فلابد حينئذ من حمل الامر الوارد في الاخبار المزبورة على الاستحباب وربما يشهد له أيضا مضافا إلى ذلك خبر جميل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة انما يجهر إذا كانت خطبة وخبر محمد بن مسلم قال سألته عن صلاة الجمعة في السفر فقال تصنعون كما تصنعون في الظهر ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة انما يجهر إذا كانت خطبة إذ النهي الواردة في هذين الخبرين لأجل وروده مورد توهم الوجوب لا يدل الا على الجواز وقضية الجمع بينه وبين الأخبار السابقة حمل الامر الوارد في تلك الأخبار على الاستحباب وفي الوسائل نقل عن الشيخ حمل هذين الخبرين على حال التقية والخوف (ثم قال ويحتمل ان يكون المراد نفي تأكد الاستحباب في الظهر واثباته في الجمعة أقول فقد ظهر مما مر ان هذا هو الأشبه) وأقل الجهر ان يسمعه القريب الصحيح إذا استمع ولاخفات ان يسمع نفسه ان كان يسمع
(٣٠٠)