الجزم بالخروج عن عهدة شئ منهما الا مع العجز عن اظهار جوهر الصوت كما في المبحوح فإنه حينئذ في حقه جهر بشهادة العرف ولو من باب قاعدة الميسور والله العالم واما أدنى الاخفات فلا خلاف فيه على الظاهر في أنه هو ان يسمع نفسه إذا كان سميعا ولم يكن هناك مانع ولو مثل كثافة الهواء وهبوب الرياح إذ لا يكاد يتحقق التلفظ وقطع الحوف على مخارجها بأدنى من ذلك ولا أقل من عدم حصول الجزم به عادة ولذا استدل عليه في محكى المنتهى بان ما دونه لا يسمى كلاما ولا قرانا ولو فرض تحققه والجزم بحصوله فيشكل الاكتفاء به لما يظهر من جملة من الاخبار ككلمات الأصحاب من في لاعتداد بقراءة لا يسمعها أذناك كبعض الروايات الواردة في تفسير الآية الشريفة كموثقة سماعة المروية عن الكافي والتهذيب مضمرة قال سألته عن قول الله عز وجل ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال المخافتة ما دون سمعك والجهر ان ترفع صوتك شديدا وفي الحدائق روى نحوها عن العياشي عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام وخبر إسحاق بن عمار المروي عن تفسير علي بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل ولا تجهر بصوتك ولا تخافت بها قال الجهر بها رفع الصوت والتخافت ما لم تسمع نفسك واقرء ما بين ذلك وفي الحدائق بعد نقل هذا الخبر قال وبهذا الاسناد عنه أيضا قال الاجهار رفع الصوت عاليا والمخافتة ما لم تسمع نفسك ويؤيده أيضا صحيحة زرارة أو حسنته عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يكتب من القران والدعاء الا ما اسمع نفسه وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته هل يقرء الرجل في صلاته وثوبه على فيه قال لا بأس بذلك إذا اسمع اذنيه الهمهمة والهمهمة على ما في القاموس الصوت الخفي ولا يعارضها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يقرء في صلاته ويحرك لسانه في لهواته من غير أن يسمع نفسه قال لا بأس ان لا يحرك لسانه يتوهم توهما فان ظاهرها جواز الاكتفاء بمجرد التوهم وهو مما لا قائل به وينافيه جميع الأدلة الدالة على اعتبار القراءة و الذكر ولذا حملها الشيخ على من صلى مع المخالف واستشهد له بما رواه عن أبي حمزة عمن ذكره قال قال أبو عبد الله عليه السلام يجزيك من القراءة معهم مثل حديث النفس ويشهد له أيضا خبر علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصلي خلف من لا يقتدي بصلاته والإمام يجهر بالقراءة قال اقرأ لنفسك وان لم تسمع نفسك فلا بأس وكما يعتبر في الاخفات في لتفريط فكذا يعتبر في الجهر في لافراط كما صرح به شيخنا المرتضى رحمه الله وحكاه عن العلامة الطباطبائي و غيره بل عن آيات الاحكام للفاضل الجواد نسبته إلى فقهائنا المشعرة بالاجماع ويدل عليه مضافا إلى امكان دعوى كونه ماحيا لصورة الصلاة صحيحة عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام على الإمام ان يسمع من خلفه وان كثروا فقال ليقرء قراءة وسطا يقول الله تبارك وتعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وموثقة سماعة ورواية إسحاق بن عمار المتقدمان والمراد بالقراءة الوسط المصرح بها في الصحيحة ان لا يرفع صوته شديدا كما يشهد به موثقة سماعة المتقدمة لا مطلق ما تجاوز عن العادة كما قد ينصرف إليه اطلاق الوسط والله العالم وليس على النساء جهر بلا خلاف فيه على الظاهر بل اجماعا كما ادعاه جماعة ويشهد له مضافا إلى الأصل والاجماع المعتضد بالسيرة العملية التي هي أوضح دلالة على نفي الوجوب في مثل هذه الموارد التي تقضي العادة ببقاء الصورة محفوظة لدى المتشرعة خبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة قال لا الا أن تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قرائتها وكلمة تسمع بحسب الظاهر اما من باب الافعال أو مبنى للمفعول أريد بها سماع الغير لا نفسها كما هو من لوازم الجهر عادة ويناسبه الاستثناء في حال الإمامة التي ورد فيها انه ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كما يقول فيرتفع بهذه الرواية التشابه عن كلمة تسمع الواردة في صحيحته المحكية عن التهذيب عن أخيه عليه السلام قال سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة أو التكبير قال قدر ما تسمع وصحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال سئلته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة والتكبير فقال بقدر ما تسمع بل قد يدعى ان المتبادر من نفس هذين الخبرين بواسطة المناسبة ووقوع السؤال عن حد رفع الصوت الذي هو عبارة أخرى عن الاجهار الذي يلزمه عادة سماع الغير القريب إذا استمع المشعر بمفروغية أصله في الجملة وعدم ردع الإمام له ليس الا إرادة ذلك وكون كلمة تسمع من باب الافعال أو مبنيا للمفعول ويدفعه ان هذه الكلمة متشابهة خطأ لا لفظا فلو كان ما سمعه عن الإمام عليه السلام بالبناء للمعلوم من المجرد لفهم من الجواب بأبلغ وجه ان حده ان لا ترفع صوتها بحيث يتعدى سمعها اي تخفت في القراءة وفي الحدائق حمل جميع الأخبار على إرادة سماع نفسها وعدم التعدي عنها وزعم أنه لا منافاة بينه وبين ان يكون عليها الجهر حال الإمامة إذ العبرة في الجهر على ما حققه باشتمال صوتها على الجرسية التي بها يمتاز الجهر عن الاخفات عرفا فقد تكون الجرسية لا على حد يسمعها الغير وفيه ما لا يخفى فان الرواية الأولى كالنص في إرادة الجهر بالقراءة بقدر ما يسمعها الغير ولكن ظاهرها كون ذلك على سبيل الوجوب كما اعترف به شيخنا المرتضى رحمه الله ولكنه قال ولم نظفر بقائل به كما في كشف اللثام وغيره فيمكن حمله على الاستحباب انتهى أقول بل يمكن منع ظهورها في الوجوب فإنه يستشعر من تحديد جهرها بقدر ما تسمع قرائتها ان وظيفة النساء من حيث هي الاسرار وان ما عليها من الجهر حال الإمامة لمكان الضرورة الناشئة من أن على الإمام ان يسمع من خلفه كلما يقول من القراءة والتكبير ونحوه مما لا يجب عليه الاسرار به وستعرف إن شاء الله ان هذا على الإمام ليس على سبيل الوجوب بل الاستحباب فلا يفهم من الرواية الا مشروعية الجهر للمرأة حين تؤم النساء على حسب مشروعية لغيرها ممن يؤم من الرجال لا من حيث كونه رجلا يجب عليه الجهر بالقراءة بل من حيث كونه اماما ينبغي ان يسمع من خلفه ما يقول كما لا يخفى ثم انا قد أشرنا إلى أنه يستشعر من التحديد الواقع في الروايات من أن الراجح في حقها من حيث هي الاخفات ولو مع عدم سماع الأجنبي ولكنه ليس بواجب إذ لا دليل عليه فلو أجهرت في مواضع الجهر كما هو محل
(٣٠٢)