قد ذكرنا استقرار يوسف بن أبي الساج على أرمينية وأذربيجان منذ مهلك أخيه محمد سنة ثمان وثمانين ومائتين وكان على الحرب والصلاة والاحكام وكان عليه مال يؤديه فلما ولى الخاقاني وعلي بن عيسى الوزارة والتأمت أمور يوسف في الاستبداد وأخر بعض المال واجتمع له ما يريده لذلك وبلغته نكبة الوزير علي بن عيسى فأظهر ان العهد وصل إليه بولاية الري على يد علي بن عيسى وكان حميد بن صعلوك من قواد ابن سامان قد بعث على الري وما يليها وقاطع عليها بمال يحمله فسار إليه يوسف سنة أربع وثلثمائة فهرب إلى خراسان واستولى يوسف على الري وقزوين وزنجان وكتب إلى الوزير ابن الفرات بالفتح ويعتذر بأنه طرد المتغلبين ويذكر ما أنفق من ذلك وانه كان بامر الوزير علي بن عيسى وعهده إليه بذلك فاستعظم المقتدر ذلك وسئل على ابن عيسى فأنكر وقال سلوا الكتاب والحاشية والعهد واللواء اللذين كان يسير بهما مع بعض القواد والخدام فكتب ابن الفرات بالنكير على يوسف وجهز العساكر لحربه مع خاقان المفلحي ومعه أحمد بن مسرور البلخي وسيما الخزري ونحرير الصغير وساروا سنة خمس وثلثمائة فهزمهم يوسف وأسر منهم جماعة فبعث المقتدر مؤنسا الخادم في جيش كثيف لمحاربته وعزل خاقان المفلحي عن أعمال الجبل وولاها نحريرا الصغير وسار مؤنس واستأمن له أحمد بن علي أخو صعلوك فأمنه وأكرمه وبعث ابن أبي الساح في المقاطعة على أعمال الري بسبعمائة ألف دينار سوى أرزاق الجند والخدم فأبى له المقتدر من ذلك عقوبة على ما أقدم عليه وولى على ذلك العمل وصيفا البكتمرى وطلب ابن أبي الساج أن يقاطعه على ما كان بيده قبل الري من أذربيجان وأرمينية فأبى المقتدر إلا أن يحضر في خدمته فلما يئس ابن أبي الساج زحف إلى مؤنس وقاتله فانهزم مؤنس إلى زنجان وقتل من قواده جماعة وأسر هلال بن بدر وغيره فحبسهم يوسف في أردبيل وأقام مؤنس بزنجان بجميع العساكر ويستمد من المقتدر وابن أبي الساج يراسله في الصلح والمقتدر لا يجيب إلى ذلك ثم قاتله مؤنس في فاتح سنة سبع وثلثمائة عند أردبيل فهزمه وأسره وعاد به إلى بغداد أسيرا فحبسه المقتدر وولى مؤنس على الري ودنباوند وقزوين وأبهر وزنجان علي بن وهشودان وجعل أموالها لرجاله وولى مؤنس على اصبهان وقم وقاشان أحمد بن علي بن صعلوك وسار عن أذربيجان فوثب سبك مولى يوسف بن أبي الساح فملكها واجتمع عليه عسكر فولى مؤنس بن محمد بن عبيد الفارقي وسار بمحاربة سبك فانهزم وعاد إلى بغداد وتمكن سبك في أذربيجان وسأل المقاطعة على مائتي ألف وعشرين ألف دينار في كل سنة فأجيب وعقد له عليها وكان مقيما بقزوين فقتله على مراسة ولحق ببلده فولى المقتدر
(٣٦٩)