لزحفه في الجبال والأودية على مصافهم وإذا امسك وقفوا وكان إذا أراد أن يتقدم المضيق الذي أتى منه عام أول خلف به عسكرا على رأس العقبة يحفظونه لئلا يأخذه الحرسة منه عليهم وكان بابك متى زحفوا عليه كمن عسكرا تحت تلك العقبة واجتهد الأفشين أن يعرف مكان الكمين فلم يطق وكان يأمر أبا سعيد وجعفرا الخياط وأحمد ابن الخليل بن هشام فيتقدمون إلى الوادي في ثلاثة كراديس ويجلس على تلك ينظر إليهم والى قصر بابك ويقف بابك قبالته في عسكر قليل وقد أكمن بقية العسكر فيشربون الخمر ويلعبون بالسرياني فإذا صلى الأفشين الظهر رجع إلى خندقه برود الرود مصافا بعد مصاف الأقرب إلى العدو ثم الذي يليه وآخرين ترجع العسكر الذي عقبه المضيق حتى ضجرت الخرمية من المطاولة وانصرف بعض الأيام وتأخر جعفر فخرج الخرمية من البد على أصحابه فردهم جعفر على أعقابهم وارتفع الصياح ورجع الأفشين وقد نشبت الحرب وكان مع أبي دلف من أصحاب جعفر قوم من المطوعة فضيقوا على أصحاب بابك وكانوا يصدعون البد وبعث جعفر إلى الأفشين يستمده خمسمائة راجل من الناشبة فأتى له وأمره بالتحيل في الانصراف وتعلق أولئك المطوعة بالبد وارتفع الصياح وخرج الكمناء من تحت العقبة وتبين الأفشين أماكنهم واطلع على خدعتهم وانصرف جعفر إلى الأفشين وعاتبه فاعتذر إليه يستأمن الكمين وأراه مكانه فانصرف عن عتابه وعلم أن الرأي معه وشكا المطوعة ضيق العلوفة والزاد فأذن لهم في الانصراف وتناولوه بألسنتهم ثم طلبوه في المناهضة فأذن لهم ووادعهم ليوم معلوم ومجهز وحمل المال والزاد والماء والمحامل لجرجا وتقدم إلى مكانه بالأمس وجهز العسكر على العقبة على عادته وأمر جعفرا بالتقدم بالمطوعة وأن يأتوا من أسهل الوجوه وأطلق يده بمن يريده من الناشبة والنفاطين وتقدم جعفر إلى مكانه بالأمس والمتطوعة معه فقاتلوا وتعلقوا بسور لبد حي ضرب جمعهم ما به وجاء الفعلة بالفؤس وطيف عليهم بالمياه والأزودة ثم جاء الخرمية من الباب وكسروا على المطوعة وطرحوهم على السور ورموهم بالحجارة فنالت منهم وضعفوا عن الحرب ثم تناجزوا آخر يومهم وأمرهم الأفشين بالانصراف وداخلهم البأس من الفتح تلك السنة وانصرف أكثر المطوعة ثم عاود الأفشين الحرب بعد أسبوعين وبعث من جوف الليل ألفا من الناشبة إلى الجبل الذي وراء البد حتى يعاينوا الأفشين من هذه الناحية فيرمون على الخرمية وبعث عسكرا آخر كمينا تحت ذلك الجبل الذي وراء البد وركب هو من الغداة إلى المكان الذي يقف فيه على عادته وتقدم جعفر الخياط والقواد حتى صاروا جميعا حول ذلك الجبل فوثب كمين بابك من أسفل الجبل
(٢٦٠)