إلى عسكره استمر على حصار بابك وانقطعت عنه الميرة من سائر النواحي ووجه صاحب مراغة إليه ميرة فلقيتها سرية من سرايا بابك فأخذوها ثم خلص إليه بغا بما معه من المال ففرقه في العساكر وأمر الأفشين قواده فتقدموا ليضيقوا الحصار على بابك في حصن البد ونزل على ستة أميال منه وسار بغا الكبير حتى أحاط بقرية البد وقاتلهم وقتلوا منهم جماعة فتأخر إلى خندق محمد بن حميد من القواد وبعث إلى الأفشين في المدد فبعث إليه أخاه الفضل وأحمد بن الخليل بن هشام وأبا خوس وصاحب شرطة الحسن بن سهل وأمره بمناجزتهم إلى الحرب في يوم عينه له فركبوا في ذلك اليوم وقصدوا البدو أصابهم برد شديد ومطر وقاتل الأفشين فغلب من بإزائه من أصحاب بابك واشتد عليهم المطر فنزلوا واتخذ بغا دليلا أشرف به على جبل يطل منه على الأفشين ونزل عليهم الثلج والضباب فنزلوا منازلهم وعمد بابك إلى الأفشين ففض معسكره وضجر أصحاب بغا من مقامهم في رأس الجبل فارتحل بهم ولا يعلم ما تم على الأفشين وقصد حصن البد فتعرف خبر الأفشين ورجع على غير الطريق الذي دخلوا منه لكثرة مضايقه وعقابه وتبعته طلائع بابك فلم يلتفت إليهم مسابقة للمضايق امامه وأجنهم الليل وخافوا على أثقالهم وأموالهم فعسكر بهم بغا من رأس جبل وقد تعبوا وفنيت أزوادهم وبيتهم بابك ففضهم ونهبوا ما كان معهم من المال والسلاح ونجوا إلى خندقهم الأول في أسفل الجبل وأقام بغا هنالك وكان طرحان كبير قواد بابك قد استأذنه أن يشتوا بقرية في ناحية مراغة فأرسل الأفشين إلى بعض قواده بمراغة فأسرى إليه وقتله وبعث برأسه ودخلت سنة اثنتين وعشرين فبعث المعتصم جعفرا الخياط بالعساكر مددا للأفشين وبعث اتياخ بثلاثين ألف ألف درهم لنفقات الجند فأرسلها وعاد ورحل الأفشين لأول فصل الربيع ودنا من الحصن وخندق على نفسه وجاءه الخبر بأن قائد بابك واسمه أدين قد عسكر بإزائه وبعث عياله إلى بعض حصون الجبل فبعث الأفشين بعض قواده لاعتراضهم فسلكوا مضايق وسلقوا وأغاروا إلى أن لقوا العيال فأخذوهم وانصرفوا وبلغ الخبر أدين فركب لاعتراضهم وحاربهم واستنقذ بعض النساء وعلم بشأنهم الأفشين من علامات كان أمرهم بها ان رأى بهم ريبا فركب إليهم فلما أحسوا به فرجوا عن المضيق ونجا القوم وتقدم الأفشين قليلا قليلا إلى حصن البد وكان يأمر الناس بالركوب ليلا للحراسة خوف البيات فضجر الناس من التعب وارتاد في رؤس تلك الجبال أماكن يتحصن فيها الرجالة فوجد ثلاثة فأنزل فيها الرجالة بأزوادهم وسد الطرق إليها بالحجارة وأقام يحاصرهم وكان يصلى الصبح بغلس ثم يسير زحفا ويضرب الطبول ليزحف الناس
(٢٥٩)