وأنه ينبغي العمل بها وإن ضعف سندها - إنما ألجأه إليه ضيق الخناق في هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب من الصلاح وذلك فإن الخبر الضعيف عنده ليس بدليل شرعي ومن عادته وقاعدته رد الأخبار الضعيفة في كتابه، وبموجب ذلك أنه لا يصلح لتأسيس الأحكام الشرعية ولا يجوز بناؤها عليه ومن قاعدته تقديم العمل بالبراءة الأصلية على الأخبار الضعيفة، فكيف خرج عن قاعدته هنا واحتج بهذه الحجة الواهية التي هي لبيت العنكبوت - وأنه لأوهن البيوت - مضاهية؟ على أنك قد عرفت وجود الأخبار في الحكم المذكور غير هذه الرواية كرواية معاوية بن عمار، فإنها قد تضمنت الأمر بالتكبير وإن لم تدل على كيفية، ورواية الأعمش وإن اشتملت على كيفيته إلا أن في رواية الأعمش زيادة على ما نقله ورواية النقاش في آخر التكبير (والحمد لله على ما أبلانا) وهذه الزيادة أيضا موجودة في رواية النقاش بنقل الصدوق لها في الفقيه (1) وأما على نقل الشيخ في التهذيب (2) وهو الذي أخذ منه فهو كما نقله هنا. وبالجملة فهو معذور في ما ذكره حيث لم يعط التأمل حقه في تتبع الأخبار والوقوف عليها في مظانها وإن لم يكن معذورا حقيقة لما ذكرناه.
وكيف كان فإن ظاهر رواية النقاش هو الاستحباب، إذ الظاهر من قوله (مسنون) إنما هو المستحب لا ما ثبت وجوبه بالسنة كما يدل عليه السياق، وعلى ذلك تحمل الآية المذكورة في الخبر، لأنه لو أريد بها الوجوب لكان حق العبارة في الخبر أن يقال إنه مفروض أي واجب بالكتاب، ويؤيد ذلك ما يأتي في صحيحة علي بن جعفر (3) وأما لفظ الوجوب في الخبرين المتقدمين ففيه ما عرفت مما قدمناه في غير موضع من مباحث الكتاب من أن هذا اللفظ من الألفاظ المتشابهة، فإنه وإن كان في اصطلاح أرباب الأصول بمعنى ما يترتب العقاب على تركه لكنه في الأخبار أعم