الحكم الأول ومقتضاه ايجاب الجمعة عليه سواء أوقعه في حال الحضور أو في حال السفر إذ لا تقييد بشئ منهما فإذا تركها في حال الحضور ثم سافر وجب عليه الاتيان بها في هذه الحالة، فالحكم الأول بعمومه اقتضى وجوب الجمعة عليه في حال السفر على أن يكون القيد قيدا للوجوب، ومقتضى عموم الحكم الثاني عدم الوجوب عليه في الصورة المذكورة فلا بد من ابقاء أحدهما على المعمول والتخصيص في الآخر، والترجيح للتعميم الأول للاجماع على وجوب الجمعة على الحاضر مطلقا من غير أن يكون مشروطا بعدم صدق السفر عليه لاحقا. انتهى.
أقول: مخلص كلامه قد رجع إلى ما ادعاه من الاجماع على التعميم الأول مع أنه معارض بالاجماع أيضا على التعميم الثاني كما عرفت مما قدمنا نقله عن الفاضلين والشهيد من دعوى الاجماع على اشتراط الحضر وأنها لا تجب على المسافر، وهو أعم من أن يدخل عليه وقت الوجوب في الحضر أم لا، بل قد اعترف هو بذلك في صدر هذا الكلام حيث قال: ولو كان بين يدي المسافر جمعة أخرى يعلم إدراكها في محل الترخص جاز سفره كما ذهب إليه بعض الأصحاب واختاره المدقق الشيخ على، وذهب جماعة إلى عموم التحريم في الصورتين، والاجماع المنقول سابقا يعم الجميع. ثم قال: لنا.. إلى آخر ما قدمنا نقله. وبذلك يظهر لك أن ما أطال به الكلام تطويل بغير طائل وكلام لا يرجع إلى حاصل.
ويبقى ما ذكره من تعارض العمومين المذكورين كتعارض الاجماعين المنقولين والأظهر في الجواب إنما هو ما قدمنا ذكره من منع شمول اطلاق الأخبار الدالة على سقوط الجمعة عن المسافر لهذا الفرد.
وكيف كان فالمسألة لخلوها عن النص الواضح لا تخلو من الاشكال والاحتياط فيها واجب على كل حال. والله العالم.
(الثالثة) لو كان بعيدا عن الجمعة بفرسخين فما دون فخرج مسافرا في صوب الجمعة، فقيل يجب عليه الحضور عينا وإن صار في محل الترخص، لأنه لولاه