أقول: لا ريب أن موثقة سماعة وإن اشتملت على مطلق التحميد لقوله " يحمد الله ويثني عليه " إلا أن الثلاث التي بعدها كلها قد اشتملت على لفظ " الحمد لله " في أول كل من الخطبتين فلا يبعد أن يحمل عليها اطلاق موثقة سماعة المذكورة وبه يظهر قوة ما ذكره الأولون.
(الثاني) ذكر جمع من الأصحاب أنه يجب الترتيب في أجزاء الخطبة بتقديم الحمد ثم الصلاة ثم الوعظ ثم القراءة فلو خالف أعاد على ما يحصل به الترتيب، قال في المدارك: وهو أحوط وإن كان في تعينه نظر.
أقول: ما ذكروه (رضوان الله عليهم) مبني على ما تكرر في عبائرهم من ايجاب هذه الأربعة في كل من الخطبتين وقد عرفت ما بين كلامهم وبين الأخبار المتقدمة من المدافعة في البين، والذي يتلخص من الأخبار بتقريب ما قدمنا ذكره من ضم بعضها إلى بعض بالنسبة إلى الخطبة الأولى هو الاتيان بالتحميد أولا ثم الشهادتين بالتوحيد أولا ثم بالرسالة ثم إضافة الصلاة بعدهما احتياطا ثم الوعظ ثم قراءة كاملة، وأما بالنسبة إلى الخطبة الثانية فالتحميد أولا ثم الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أئمة المسلمين تفصيلا ثم الآية المتقدمة. وأما أن ذلك على جهة الوجوب أو الاستحباب فاشكال ينشأ من أن هذه الكيفية التي ورد بها النص فيقين البراءة يتوقف عليها ومن احتمال خروجها مخرج الاتفاق سيما أن الخطب المذكورة مشتملة على تكرار وزيادة أشياء أخر فيها. وبالجملة فالاحتياط في الوقوف على ما دلت عليه الأخبار وإن كان لا اشعار فيها بالوجوب.
(الثالث) المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) المنع من الخطبة بغير العربية للتأسي، قال في المدارك: وهو حسن.
أقول: قد عرفت أن التأسي لا يصلح لأن يكون دليلا لحرمة ولا وجوب كما صرح به هو وغيره من المحققين ولكنه في أمثال هذه المواضع يستسلقه وهو غير جيد. نعم يمكن أن يقال إن يقين البراءة موقوف على ذلك وأنها عبادة