تعيين لفظ مخصوص كما يفهم من الروايات الأخر التي سردناها أيضا وإن كان الأفضل العمل بالرواية المشهورة المعتضدة بعمل الأصحاب بمضمونها سلفا وخلفا.
وبذلك يظهر لك ما في كلام صاحب المدارك هنا حيث قال بعد أن نقل عن المصنف أن أفضل ما يقال في صلاة الجنازة ما رواه محمد بن مهاجر عن أمه أم سلمة (1): وكأن وجه الدلالة على أفضلية ما تضمنته الرواية قوله (ع): (كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر وتشهد فإن لفظ (كان) يشعر بالدوام وأقل مراتب مواظبة النبي صلى الله عليه وآله على ذلك الرجحان.. إلى أن قال: والأولى والأفضل اعتماد ما تضمنته الروايات المعتبرة عن أئمة الهدى (عليهم السلام) ثم نقل صحيحة أبي ولاد وحسنة الحلبي وحسنة زرارة.
أقول: لا يخفى أن وجه هذه الأفضلية عنده إنما نشأت من حيث اعتبار أسانيد هذه الأخبار باصطلاحه فإن فيها الصحيح والحسن بخلاف رواية ابن المهاجر المعتضدة برواية إسماعيل بن همام حيث أنهما ضعيفتا السند باصطلاحه.
وفيه أنهما وإن ضعف سندهما بهذا الاصطلاح إلا أن عمل الطائفة سلفا وخلفا بما اشتملتا عليه هو المرجح لهما، فإنه لم ينقل عن أحد القول بما دلت عليه هذه الأخبار التي نوه بها وإن صح سندها حتى من أصحاب هذا الاصطلاح بل الكل متفقون على القول بمضمون الروايتين المذكورتين، وكم من رواية صحيحة قد أعرض عنها الأصحاب حتى مثل هذا القائل إذا أعوزتهم الحيلة فيها، ومنه يعلم أنه ليس المدار على الصحة بهذا المعنى المحدث وإنما المدار على الصحة بالمعنى القديم المعمول عليه بين جمهور القدماء الذين ليس لهذا الاصطلاح عندهم أثر. على أن هذه الأخبار التي استند إليها غير متفقة على نمط واحد بل هي مختلفة كما عرفت.
وكيف كان فالظاهر هو القول المشهور وحمل هذه الأخبار على الرخصة والتوسعة كما يشير إليه ايراده (ع) في كتاب الفقه هذه الكيفيات الثلاث. والله العالم.