وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " (1) وشرب الخمر لأن الله تعالى نهى عنها (2) كما نهى عن عبادة الأوثان (3) وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله تعالى لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله تعالى يقول: " أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار " (4) قال فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم " أقول: وهذه الرواية قد اشتملت من عدد الكبائر على إحدى وعشرين والكلام فيها ينبغي أن يكون على نحو ما قدمناه من أن الكبائر كثيرة وايثار هذه الأعداد بالذكر لكونها أكبر من البواقي أو يحمل على أن وقوعها أكثر فوقع الاهتمام بذكرها ليحترزوا عنها وإن تفاوتت هذه الأعداد أيضا في ذلك بالشدة والضعف، مع أن في أكثرها إشارة اجمالية إلى غيرها لاشتراكها في العلة وهي الوعيد. ومن ما يعضده ما نقله جملة من أصحابنا عن ابن عباس أن الكبيرة ما نهى الله سبحانه عنه قيل، هي سبع قال: هي إلى السبعين أقرب. وفي رواية إلى السبعمائة.
(الموضع الثاني) - قد اختلف أصحابنا (رضوان الله عليهم) في أنه هل يكون كل معصية كبيرة وأن اطلاق الصغيرة على بعضها إنما هو مجاز بالإضافة إلى ما فوقها أو أنها حقيقة في القسمين فمنها ما يكون كبيرة ومنها ما يكون صغيرة؟ قولان ذهب إلى الأول جمع من الأصحاب ونقل عن الشيخ المفيد وابن البراج وأبي الصلاح والشيخ في العدة والشيخ أبي على الطبرسي وابن إدريس، فكل ذنب عندهم كبيرة لاشتراكها في مخالفة أمر الله تعالى إلا أنه ربما أطلق الصغيرة على بعض الذنوب بالإضافة إلى ما فوقه كالقبلة مثلا بالنسبة إلى الزنا وإن كانت كبيرة بالنسبة إلى مجرد النظر.