الكسوف والحال هذه فلا وجه لوجوب قطعها بدخول الوقت بل ولا لجوازه.
أقول: قد عرفت أن مستند الصدوق (قدس سره) في هذه الفتوى إنما هو كتاب الفقه الرضوي، نعم جمعه في كتابه بين هذه الفتوى وهذه الرواية مع ما عرفت لا يخلو من مدافعة لما قرره في صدر كتابه من القاعدة.
ويخطر بالبال العليل والفكر الكليل في الجمع بين هذه الأخبار على وجه تندفع به هذه المناقضة عن الصدوق (قدس سره) ويزول به التنافي بين أخبار المقام أن يقال لا ريب في دلالة صحيحة محمد بن مسلم وعبارة كتاب الفقه الرضوي على ما ذهب إليه الصدوق من وجوب تقديم الحاضرة في حال السعة، وأما صحيحة محمد بن مسلم الأخيرة وصحيحة أبي أيوب فظاهرهما أنه مع خوف فوات فضيلة أول الوقت يقطع صلاة الكسوف لو شرع فيها ويبدأ بالفريضة، وهو ظاهر في تأييد ما دلت عليه صحيحة محمد بن مسلم الأولى وعبارة كتاب الفقه الرضوي.
قال شيخنا الشهيد في الذكرى بعد ايراد هذين الخبرين الأخيرين أعني خبري محمد بن مسلم وأبي أيوب: ولعل الجماعة يتمسكون بهاتين الروايتين على التقديم مع السعة وعلى القطع مع دخول الوقت والبناء، وهما صحيحتان إلا أن دلالتهما على ذلك غير صريحة. انتهى.
أقول: بل متمسك الجماعة خصوصا الصدوقين (قدس سرهما) إنما هو عبارة كتاب الفقه الصريحة بل هي عين عبارة الصدوقين كما عرفت.
وكيف كان فإن كلا منهما مؤذن بما ذكرنا من التأييد وإن لم تكونا صريحتين في الحكم المذكور إلا أن رواية محمد بن مسلم الأولى وعبارة كتاب الفقه صريحتان في ذلك، وحينئذ فلم يبق في المقام إلا صحيحة محمد بن مسلم وبريد لانحصار المخالفة ظاهرا فيها، وتطبيقها على هذه الأخبار ممكن بحمل وقت الفريضة فيها على وقت الفضيلة كما صرحت به صحيحة الثانية وصحيحة أبي أيوب جمعا بين الأخبار، ووجهه ما قدمنا بيانه وشيدنا أركانه وبنيانه في مبحث الأوقات من اطلاق الوقت