البراءة عليه لأنه المعهود من فعلهم والمأثور من أوامرهم (عليهم السلام).
وذكر الخطبتين في بيان كيفية الصلاة أيضا ظاهر في ذلك إذ قضية الذكر في بيان كيفية الواجب الوجوب في جميع ما اشتملت عليه الكيفية وخروج بعض الأفراد التي قام الدليل من خارج على استحبابها لا يقتضي خروج ما لم يقم عليه دليل.
هذا، وما ذكره في المدارك هنا لا يخلو من نوع تشويش واضطراب بل النظر الظاهر في ما أيد به ذلك من عدم وجوب استماعهما بل الاستحباب.
أما الأول فلأن مقتضى كلامه الأول هو اختيار الاستحباب صريحا وظاهر الثاني بل صريحه التردد والتوقف في المسألة. وأيضا ظاهر كلامه الأول أن العلامة في جملة من كتبه جزم بالاستحباب وظاهر كلامه الثاني خلافه وأنه جزم بالوجوب ثم أورد دليله، ومقتضى الدليل الذي نقله لازم له حيث أنه صرح في مواضع من كتابه بأنه لا فرق في دلالة الأمر على الوجوب بين كونه بلفظ الأمر أو بالجملة الخبرية، وحينئذ فالظاهر أن منشأ التردد عنده هو معارضة دعوى الاجماع الذي ذكره في المعتبر مع ما عرفت من طعنه في هذه الاجماعات.
وأما الثاني - وهو ما ذكره في كلامه الثالث من أن تصريح العلامة في الكتابين بالاجماع على عدم وجوب استماع الخطبتين دليل قوي على الاستحباب ففيه أن خطبة الجمعة مع الاتفاق على وجوبها وأنها شرط في صحة الصلاة قد وقع الخلاف في وجوب استماعها فممن ذهب إلى عدم وجوب استماعها الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر مع قولهما بوجوبها وشرطيتها في صحة الصلاة وتردد في الشرائع، ولم نره في تلك المسألة بعد أن نقل قولهما المذكور رد عليهما بأنه يلزم منه المناقضة لأن القول بالوجوب يستلزم القول بوجوب الاستماع وعدم وجوب الاستماع يستلزم الاستحباب كما ذكره هنا. وبالجملة فإنه كما أن أصل وجوب الخطبة متوقف على الدليل كذلك وجوب الاستماع يتوقف عليه ولا ملازمة بينهما، وما علل به وجوب الاستماع في خطبة الجمعة في مقام الرد على صاحب المعتبر من انتفاء فائدة الخطبة بدون الاستماع فهي علة مستنبطة ترجع إلى مجرد الاستعباد، ومع فرض