شرعا، سلمنا الانفصال لكن ذلك لا يقتضي جواز الاختلاف إذا لم يرد فيه نقل على الخصوص لعدم تيقن البراءة مع الاتيان به. وعلى الثاني بعد تسليم الأصل أنه قياس محض.
واستشكل في الذخيرة في هذا المقام فقال: والمسألة محل اشكال ينشأ من أن المنقول من فعل النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) الاتحاد فيجب عدم التعدي منه وقوفا في الوظائف الشرعية على القدر الثابت المتيقن، ومن اطلاق الأمر بالصلاة في الآية والأخبار والاشتراط يتقدر بقدر الدليل والدليل لا يقتضي الخصوصية المذكورة في الخطبتين. والاحتياط واضع. وانتهى.
أقول: أما ما ذكره في الوجه الثاني من اطلاق الآية فمسلم وأما اطلاق الأخبار فممنوع فإن بعضها وإن كان مطلقا كما ادعاه إلا أن جملة منها ظاهرة في الاتحاد كالأخبار المتقدمة في الأمر الأول، ونحوها أيضا صحيحة إلى أبي بصير المنقولة من تفسير علي بن إبراهيم فإنها قد اشتملت على أن الخطيب هو الإمام وأنه بعد الخطبة يصلي بالناس، وحينئذ فما أطلق من الأخبار إن وجد يحمل على هذه الأخبار حمل المطلق على المقيد وبذلك يقيد اطلاق الآية أيضا.
ويدل على ما ذكرناه ما سيأتي إن شاء الله تعالى من الأخبار الدالة على النهي عن الكلام والإمام يخطب ونحوها، فإن المراد بالإمام فيها هو إمام الجماعة الذي يصلي بعد الخطبة وإلا فلا معنى للتعبير بلفظ الإمام في المقام لو كان الخطيب غيره.
وحمله على إمام في الجملة وإن لم يكن في تلك الصلاة لا يرتكبه إلا من لم يكن له ذوق ولا روية في فهم معاني الكلام كما لا يخفى على ذوي الأفهام. وبالجملة فإن ما ذكره من الاستشكال من الأوهام السخيفة بلا اشكال.
(الرابع) الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة على الأشهر الأظهر، واستدل عليه في المدارك بالتأسي، وقد عرفت ما فيه قريبا.
والأظهر الاستدلال على ذلك بالأخبار، ومنها ما تقدم قريبا في صحيحة