والحق أن الوجوب العيني منتف قطعا بالنسبة إلى كل من سقط عنه الحضور وأما الوجوب التخييري فهو تابع لجواز الفعل فمتى ثبت الجواز ثبت الوجوب ومتى انتفى انتفى. انتهى.
أقول: لا يخفى أن ظاهر كلمة الأصحاب وكذا ظاهر رواية حفص المتقدمة إنما هو الوجوب العيني بعد الحضور لأن ظاهر الجميع هو أن الساقط عن هؤلاء إنما هو السعي فمتى تكلفوه وحضروا صار الوجوب عينيا وتعين عليهم الصلاة جمعة، وهذا الوجوب التخييري الذي اختاره لا أعرف له وجها، نعم يبقى الكلام في الأفراد المختلف فيها وهو أمر آخر.
ومما ذكرنا ظهر أن المرأة عدم الجمعة بها وإن وجبت عليها بالحضور كما ذكره الشيخان وابن إدريس.
ويعضد ذلك ما رواه الحميري في كتاب قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) (1) قال: (سألته عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين وصلاة الجمعة ما على الرجال؟ قال نعم) والظاهر حمله على الحضور في موضع الجمعة جمعا بينه وبين الأخبار الدالة على السقوط عنها.
وأنت خبير بأن هذه الرواية مع ضمها إلى روايتي حفص وأبي همام المتقدمتين لا تقصر عن تخصيص تلك الأخبار الدالة على السقوط، وتؤيدها رواية المجالس المتقدمة وإن كانت بخصوص المسافر.
وأما العبد والمسافر لو حضرا فقال الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر وابن إدريس أنها تنعقد بهما لأن ما دل على اعتبار العدد مطلق فيتناولهما كما يتناول غيرهما.
وهو جيد إلا أنه لا يتم في ما إذا كان العدد منحصرا في المسافرين وإن زعمه شيخنا الشهيد لما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في المقام.
وذهب جمع من الأصحاب: منهم - الشيخ في المبسوط كما تقدم في عبارته وابن