والتحقيق الرجوع في ذلك إلى الأخبار فإنها ظاهرة الدلالة واضحة المقالة في المطلوب، ومنها الرواية المذكورة وهي صريحة في المطلوب ويعضدها ما تقدم في الروايات التي قدمناها دليلا على وجوب صلاة الجمعة وهي الثالثة والخامسة والسادسة والثالثة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة (1).
. وقد صرح الأصحاب بأنه يجب فيهما أمور (الأول) التقديم على الصلاة فلو بدأ بالصلاة لم تصح الجمعة، قال في المدارك: هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب بل قال في المنتهى إنه لا يعرف فيه مخالفا، والمستند فيه فعل النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) والصحابة والتابعين والأخبار المستفيضة الواردة بذلك كرواية أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) (2) قال: سألته عن خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقبل الصلاة أو بعدها؟ فقال قبل الصلاة ثم يصلي انتهى.
أقول: العجب منه ومن صاحب المنتهى في دعواهما عدم الخلاف في المسألة مع أن الصدوق قد صرح في جملة من كتبه مثل الفقيه وعيون الأخبار والعلل بالخلاف في ذلك فأوجب تأخير الخطبة عن الصلاة وادعى أن تقديمها بدعة عثمانية.
ومن كلامه في ذلك ما ذكره في كتاب عيون الأخبار (3) بعد أن نقل حديث علل الفضل بن شاذان الدال على وجوب تقديمهما في الجمعة وتأخيرهما في العيدين وبيان العلة في ذلك حيث قال: قال مصنف هذا الكتاب جاء هذا الخبر هكذا، والخطبة في الجمعة والعيدين بعد الصلاة لأنهما بمنزلة الركعتين الأخيرتين وأول من قدم الخطبتين عثمان بن عفان.. إلى آخر كلامه.
وفي كتاب من لا يحضره الفقيه (4) روى حديثا عن الصادق (عليه السلام) بهذه الصورة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة عثمان لأنه كان إذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا وقالوا ما نصنع بمواعظه