الله تعالى (1) إلا أنهم اكتفوا من حسن الظاهر بما هو القشر الظاهر ولم يعطوا التأمل حقه في الرواية المذكورة وما تدل عليه مما سنكشف عنه نقاب الابهام إن شاء الله تعالى لكل ناظر.
وظاهر كلامهم أن المراد بحسن الظاهر هو أن لا يظهر منه ما يوجب الفسق من ارتكاب الكبائر والاصرار على الصغائر. وأنت خبير بأن هذا المعنى لا يخرج عن القول الثاني فإن القائلين بالاسلام اعتبروا عدم ظهور الفسق.
ومن العجب أنهم يستندون في هذا القول إلى صحيح ابن أبي يعفور مع أنه بالتعمق في معناه - كما سنوضحه لك إن شاء الله تعالى - بعيد عن هذا المعنى الذي ذكروه بمراحل.
ومن هذه الأقوال الثلاثة يظهر وجه الخلاف الذي ذكروه في أن الأصل في المسلم هل هو العدالة أو الفسق أو التوقف؟ فذهب بعضهم إلى أن الأصل فيه العدالة، وهذا مما يتفرع على تفسير العدالة بمجرد الاسلام كما هو القول الثاني، ويعرف مستنده من الأخبار الواردة في ذلك وقد عرفت وستعرف إن شاء الله تعالى الجواب عنها، وذهب آخرون إلى أن الأصل فيه الفسق استنادا إلى أن الأصل التكليف واشتغال الذمة بالعبادات والتكاليف، والأصل عدم خروجه عن عهدتها حتى يعلم قيامه بها. وهذا مناسب للقول الأول لأن الأصل عدم حصول الملكة المذكورة حتى يحصل الاطلاع عليها ولكنه بمحل من الضعف لدلالة الأخبار على حسن الظن بالمؤمن وحمل أفعاله على الصحة والمشروعية.
والتحقيق في المسألة هو القول الثالث وهو التوقف حتى يعلم أحد الأمرين من عدالة أو فسق، وهذا هو الأنسب بالقول الثالث الذي اخترناه.
وكيف كان فلنشتغل بنقل الأخبار الواردة في المقام ليظهر لك صحة ما ذكرناه من هذا الكلام فنقول: