المؤكد. قيل ويرجح الأول كثرة الأخبار والشهرة وعموم الآية.
أقول: لا يخفى أن هذا الخلاف قليل الجدوى فإن محل الخلاف هو الحصول على رأس فرسخين بلا زيادة ولا نقصان ولا ريب أنه نادر جدا والاحتياط ظاهر.
وتمام تحقيق الكلام في هذا المطلب يتوقف على بسطه في مقامين:
المقام الأول - قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأن من لا تلزمه الجمعة من المكلفين الذكور إذا حضر موضع الجمعة جاز له فعلها تبعا وأجزأته عن الظهر، واحترزوا بالمكلفين عن الصبي والمجنون فإنها لا تجب عليهما ولا تنعقد بهما لعدم التكليف في حقهما، وبالذكر عن المرأة فلا تجب عليها أيضا وإن حضرت وإنما الكلام هنا في ما عدا ذلك.
وظاهر كلامهم الاجماع على الحكم المذكور، قال في المنتهى: لا خلاف في أن العبد والمسافر إذا صليا الجمعة أجزأتهما عن الظهر. وحكى نحو ذلك في البعيد، وقال في المريض: لو حضر وجبت عليه وانعقدت به وهو قول أكثر أهل العلم. وقال في الأعرج: لو حضر وجبت عليه وانعقدت به بلا خلاف.
وعنه أيضا في التذكرة أنه قال لو حضر المريض والمحبوس بعذر المطر والخوف وجبت عليهم وانعقدت بهم اجماعا. وقال في النهاية من لا تلزمه الجمعة إذا حضرها وصلاها انعقدت جمعة وأجزأته. وعلله بتعليل ضعيف.
ويدل على الحكم المذكور ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث (1) قال:
(سمعت بعض مواليهم يسأل ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على المرأة والعبد والمسافر؟ فقال ابن أبي ليلى لا تجب الجمعة على واحد منهم ولا الخائف. فقال الرجل فما تقول إن حضر واحد منهم الجمعة مع الإمام فصلاها معه هل تجزئه تلك الصلاة عن ظهر يومه؟ فقال نعم. فقال له الرجل وكيف يجزئ ما لم يفرضه الله عليه عما فرضه الله عليه وقد قلت إن الجمعة لا تجب عليه ومن لم تجب الجمعة عليه فالفرض عليه