وبالجملة فإن ذكر القلب بعد الصلاة لا ينافي صعود المنبر بعد الصلاة والقلب بعد الصعود إذ البعدية المذكورة صادقة بذلك وليس هنا مدة بين الفراغ وصعود المنبر حتى يلزم أن يقال إن المتبادر من البعدية البعدية القريبة فإنها في ما ذكرناه قريبة غير بعيدة كما لا يخفى.
وأما بالنسبة إلى اختصاص الإمام بذلك أو شمول الحكم للمأموم فلا يخفى أنه بناء على ما ذكرنا من حمل مطلق الأخبار على مقيدها يكون ذلك مختصا بالإمام واثباته للمأموم يحتاج إلى دليل وليس فليس. ومع العمل باطلاق هذين الخبرين وعدم تقييدهما بالخبرين الأخيرين يلزم استحباب القلب مرتين: إحداهما بعد الصلاة إماما كان أو مأموما وثانيتهما بعد صعود المنبر بالنسبة إلى الإمام. إلا أن مقتضى القاعدة المعمول عليها إنما هو الأول. والله العالم.
الثامن - ما دل عليه الخبر الأول - من تكبير الإمام إلى القبلة مائة مرة ثم يسبح عن يمينه مائة تسبيحة وعن يساره يهلل مائة تهليلة ثم يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة - هو المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) وبه قال الشيخ وأتباعه.
وقال الشيخ المفيد يكبر إلى القبلة مائة ويسبح إلى اليمين مائة ويحمد إلى اليسار مائة ويستغفر عند استقبال الناس مائة ونقل ذلك في المختلف عن أبي الصلاح وسلار وابن البراج.
والشيخان قد اتفقا في التكبير والتسبيح واختلفا بعد ذلك فالشيخ الطوسي جعل التهليل إلى اليسار مائة ثم التحميد عند استقبال الناس مائة كما هو المشهور والشيخ المفيد جعل عند الالتفات إلى اليسار التحميد وعند استقبال الناس الاستغفار ولم يذكر التهليل بالكلية.
والصدوق وافق الشيخين في التكبير والتسبيح إلى القبلة واليمين وخالف الشيخ الطوسي في التهليل والتحميد فعكس فيهما حيث إن الشيخ جعل التهليل إلى اليسار