بالذمة وهو الزمان الذي يدرك فيه الجمعة بحيث لو أخر عنه فاتت فإنه يسقط عنه وجوب حضورها وإن وقع في ذلك الزمان وجب عليه الحضور. ووجهه بالنسبة إلى الأول أنه حال انشاء السفر غير مكلف ولا مخاطب بالجملة فيكون سفره مشروعا كما لو سافر قبل الزوال في المسألة المتقدمة. ووجهه بالنسبة إلى الثاني ما قدمنا نقله عنه من أنه لا مانع من إقامة الجمعة في السفر لأنه قد تعلق به الخطاب فيجب عليه إقامتها وليس ثمة مانع إلا السفر وهو لا يمنع من ذلك بالتقريب الذي قدمه، وقد عرفت ما فيه.
وبالجملة فإن المسألة لما كانت عارية من النص كثرت فيها الاحتمالات، وقد عرفت مما ذكرنا في غير موضع مما تقدم عدم صلوح أمثال هذه التعليلات لتأسيس الأحكام الشرعية، فالوقوف على جادة الاحتياط في أمثال هذه المقامات عندنا من الواجبات. والله العالم.
(الرابعة) قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه لو كان السفر واجبا كالحج والغزو أو مضطرا إليه انتفى التحريم، قال في الروض: وإنما يحرم مع الاختيار وعدم وجوبه فلو كان مضطرا إليه بحيث يؤدي تركه إلى فوات الغرض أو التخلف عن الرفقة التي لا يستغنى عنها أو كان سفر حج أو غزو يفوت الغرض منهما مع التأخر فلا يحرم. وعلى هذا المنوال كلام جملة منهم.
ويدل عليه ما قدمنا نقله (1) عن كتاب نهج البلاغة من قول أمير المؤمنين (ع) في كتابه للحارث الهمداني (لا تسافر يوم الجمعة حتى تشهد الصلاة إلا ناضلا (2) في سبيل الله أو في أمر تعذر به).
وأما ما ذكره في الذخيرة هنا - حيث قال: لو كان السفر واجبا كالحج والغزو مع التضيق أو مضطرا إليه ارتفع التحريم على اشكال في السفر الواجب. انتهى - فلعل الوجه في هذا الاشكال الذي ذكره هو تعارض الواجبين من السفر والجمعة