هو خمر، وما انقلب خلا فقد خرج من أن يكون خمرا، وأنه لا خلاف في إباحة الخل، واسم الخل بتناول ما هو على صفة مخصوصة، ولا فرق بين أسباب حصوله عليها، ويقال لأصحاب أبي حنيفة: أي فرق بين غلبة الخل على الخمر في تحليلها وبين غلبة الماء عليها أو غيره من المائعات أو الجامدات حتى لا يوجد لها طعم ولا رائحة. فإن فرقوا بأن الخمر ينقلب إلى الخل ولا ينقلب إلى غيره من المائعات والجامدات، قلنا: كلامنا فيها على الانقلاب والخمر إذا ألقيت في الخل الكثير، فما انقلبت في الحال إلى الخل بل عينها باقية وكذلك هي في الماء فما الفرق بين أن يلقى فيما يجوز أن ينقلب إليه وبين ما لا ينقلب إليه إذا كانت في الحال موجودة لم ينقلب، وهذا الكلام من السيد يدل على ما قلنا (1).
واعلم أن قول الشيخ ليس بعيدا من الصواب، لأن انقلاب الخمر إلى الخل يدل على تمامية استعداد انقلاب ذلك الخمر إلى الخل، والمزاج واحد.
بل استعداد الملقى في الخل لصيرورته خلا أتم، ولكن لا يعلم، لامتزاجه بغيره، فإذا انقلب الأصل المأخوذ منه علم انقلابه أيضا، ونجاسة الخل تابعة للخمرية وقد زالت فتزول النجاسة عنه، كما في الخمر إذا انقلبت.
وقد نبه شيخنا أبو علي بن الجنيد فقال: فأما إن أخذ إنسان خمرا ثم صب عليه خلا فإنه محرم عليه شربه والاصطباغ به في الوقت، ما لم يمض عليه وقت ينتقل في مثله العين من التحليل إلى التحريم أو من التحريم إلى التحليل.
وقول السيد المرتضى (2) لا ينافي ما قاله الشيخ: لأنه أنكر قول أبي حنيفة في طهارة الخمر في حالة الإلقاء، وهذا لا ينافي طهارته بعد انقلاب الأصل