وإذا كان المكاتب غير مشروط عليه، وعجز عن توفية ثمنه، فإن كان مولاه ممن عليه زكاة واجبة، فإنه يجب عليه أن يعطيه شيئا من ذلك، قل أم كثر، لقوله تعالى " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " (1) وإن لم يكن ممن يجب عليه زكاة، فلا يجب عليه الإيتاء المذكور في الآية، لأنه لا مال لله تعالى واجب عليه، وكان على الإمام أن يفك رقبته من سهم الرقاب.
والمكاتب إذا كان غير مشروط عليه، لم يكن على مولاه فطرته، فإن كان مشروطا عليه، وجب على مولاه فطرته.
ولا يجوز مكاتبة الكافر، لقوله تعالى " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " (2) وحمل ذلك على الإيمان والدين، أولى من حمله على المال والتكسب، لأنه لا يقال للكافر وإن كان موسرا أو مكتسبا، إن فيه خيرا، ولا أنه خير، ويقال ذلك لمن كان فيه إيمان ودين، وإن لم يكن مكتسبا، ولا ذا مال، ولو تساوى ذلك في الاحتمال، لوجب العمل على الجميع.
الكتابة المشروطة لازمة من جهة السيد، جايزة من جهة العبد، ولسنا نريد بقولنا جايزة من جهته، أن له الفسخ، كالعامل في القراض، بل نريد أن له الامتناع عن أداء ما عليه مع القدرة عليه، فإذا امتنع منه كان سيده بالخيار بين البقاء على العقد وبين الفسخ.
فإن كانت الكتابة مطلقة، فهي لازمة من الطرفين، وليس لأحدهما فسخ.
إذا وجبت على المكاتب كفارة في قتل، أو ظهار، أو جماع، ففرضه الصوم بلا خلاف، فإن كفر بالمال بغير إذن سيده لم يصح، لأنه مستغن عن التكفير بالمال، لأنه يمكنه التكفير بالصوم، فإن أذن له السيد في ذلك، فإن أراد أن يكفر بالعتق، لم يجز بلا خلاف عندنا، لأنه فعل ما لم يجب عليه، وعند المخالف لأن العتق يضمن ثبوت الولاء، وليس المكاتب من أهل الولاء، وأما إن أراد أن يكفر بالإطعام أو الكسوة، فعندنا لا يجزيه، لأنه فعل ما لم يجب عليه.