أقول:
نعم الأشاعرة يقولون: إنه تعالى لا يفعل القبيح، لكن بمعنى أن ما هو قبيح في الشاهد ليس قبيحا بالنسبة إليه تعالى، وليس في هذا نفي صدور القبيح عنه تعالى بحسب الحقيقة، بل بمجرد اللفظ والعبارة، فلا يكون الكلام فيه خارجا عن محل النزاع. وأما الفرق بين الإرادة والرضا فقد مر أنه غير مرضي.
وأما ما ذكره من أن الآيات إنما هي حجة على من جوز الظلم على الله، وأشار به إلى أن الأشاعرة لا يجوزون ذلك عليه، ففيه أن عدم تجويزهم للظلم عليه إنما هو بمعنى أن ما نراه ظلما في الشاهد ليس بظلم إذا صدر عنه تعالى، بل يقولون: هو ليس بظلم في نفسه قبل النهي، وإنما صار كذلك بالشرع و بعد وروده، فكل ما صدر عنه أو أمر به ليس بظلم، وهذا سفسطة ظاهرة كما مر مرارا. وأما ما ذكره في دفع لزوم ما ألزمه المصنف على الأشاعرة بأن الخلق غير الفعل فهو دعوى كاذبة ذكرها شارح العقائد (2) في دفع تمسك المعتزلة:
بأنه لو كان تعالى خالقا لأفعال العباد لكان هو القائم والقاعد والآكل والشارب و الزاني والسارق إلى غير ذلك، حيث دفعه بأن ذلك جهل عظيم، لأن المتصف بالشيئ من قام به ذلك الشئ لا من أوجده، أولا يرون أن الله تعالى هو الخالق للسواد والبياض وسائر الصفات في الأجسام ولا يتصف بذلك " إنتهى ".
وفيه أن حكمه بالجهل جهالة عظيمة، لأن القيام قد يكون بمعنى الحصول والصدور من الشئ كما في اسم الفاعل من الضارب والآكل ونحوهما،
____________________
(1) اقتباس من قوله تعالى في سورة الصافات. الآية 35.
(2) المراد به المحقق التفتازاني شارح عقائد النسفي وقد مرت ترجمتهما.
(2) المراد به المحقق التفتازاني شارح عقائد النسفي وقد مرت ترجمتهما.