وأما قوله: المجوس لا يثبتون إلا شريكا واحدا وهؤلاء يثبتون شركاء لا تحصى، ففيه: أن الأشاعرة لو ارتقوا إلى السماء لما أمكن لهم الخلاص عما مر: من لزوم مشاركتهم للنصارى في إثبات الشركاء القدماء ولا يمكنهم معارضة ذلك بإلزامنا بشئ من الشركاء، وذلك لظهور أنه إنما يلزمنا مشاركة المجوس فيما ذكره لو قلنا: إن الشيطان نفسه أو سائر العباد أنفسهم ليسوا مخلوقين لله تعالى وقلنا: إنهم متصرفون مع الباري سبحانه تصرف مقاهرة ومغالبة ونحن لا نقول بشئ من ذلك، بل عندنا أن إبليس كسائر شياطين الإنس والجن لا يتمكن من الصالحين من الأنبياء وغيرهم مع ضعفهم، فكيف بجبار السماوات والأرضين؟!
وقد قال تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا (2)، وقال: خلق الإنسان ضعيفا (3)، لكن لما كان التكليف ينافيه الجبر خلى الباري تعالى بين الإنسان وشيطانه ليميز (4) الخبيث كالناصب وأضرابه من الطيب، وقد نطق بذلك القرآن
____________________
(1) اسم فاعل من الاصدار على زنة مكرم وقوله " بالمصدر " عقيب ذلك مصدر ميمي على زنة مقتل.
(2) النساء. الآية 76.
(3) النساء. الآية 28.
(4) متخذ من قوله تعالى في سورة الأنفال الآية 37 ليميز الله الخبيث من الطيب.
(2) النساء. الآية 76.
(3) النساء. الآية 28.
(4) متخذ من قوله تعالى في سورة الأنفال الآية 37 ليميز الله الخبيث من الطيب.