الفعل قبيح فانتفت هذه الدعاوي، فيستحيل منه تعالى. وذهبت
الأشاعرة كافية إلى أن الله تعالى قد فعل القبائح بأسرها من أنواع
الظلم والشرك والجور والعدوان ورضي بها وأحبها " إنتهى " قال الناصب خفضه الله أقول: قد سبق أن الأمة أجمعت على أن الله تعالى لا يفعل القبيح ولا يترك الواجب.
فالأشاعرة من جهة أن لا قبيح منه ولا واجب عليه. وأما
المعتزلة فمن جهة أن ما هو قبيح منه يتركه، وما يجب عليه يفعله، وهذا الخلاف فرع قاعدة التحسين والتقبيح، إذ لا حاكم بقبح القبيح منه ووجوب الواجب عليه إلا العقل، فمن جعله حاكما
بالحسن والقبح قال: بقبح بعض الأفعال منه ووجوب بعضها عليه، ونحن قد أبطلنا حكمه، وبينا أن الله تعالى هو الحاكم، فيحكم ما يريد (1) ويفعل ما يشاء (2) لا
وجوب عليه ولا استقباح منه، هذا مذهب
الأشاعرة، وما نسبه هذا الرجل المفتري إليهم أخذه من قولهم: إن الله خالق كل شئ، فيلزم أن يكون خالقا للقبائح، ولم يعلموا أن خلق القبيح ليس فعله، إذ لا قبح بالنسبة إليه، بل بالنسبة إلى المحل المباشر للفعل كما ذكرناه غير مرة، وسنذكر تحقيقه في مسألة خلق الأعمال (3) " إنتهى " أقول قد أبطل الناصب أكثر ما ذكره نصرة
للأشاعرة بقوله: وأما
المعتزلة ____________________
(1) إشارة إلى قوله تعالى في سورة المائدة الآية 1.
(2) إشارة إلى قوله تعالى في سورة آل عمران الآية 40.
(3) حيث إن أكثر الأشاعرة ذهبوا إلى أن ذوات الأفعال صادرة منه تعالى واتصافها بالحسن والقبح وساير الوجوه المعتورة باعتبار محالها ومباشريها.