وذهب أبو الحسين من متأخريهم إلى إثبات صفة في القبيح دون الحسن، إذ لا حاجة إلى صفة محسنة له، بل يكفيه لحسنه انتفاء الصفة المقبحة وذهب الجبائي إلى نفي الوصف الحقيقي فيهما مطلقا، فقال: ليس حسن الأفعال وقبحها لصفات حقيقية فيها، بل لوجوه اعتبارية (1) وأوصاف إضافية تختلف بسحب الاعتبار كما في لطمة اليتيم تأديبا وظلما " إنتهى كلامه ".
والحاصل أن اعتراف الأشاعرة باشتمال الفعل على ما يجده العقل قبل الشرع من صفة الكمال والنقص والمصلحة والمفسدة الصالحتين لمنشأية الأمر والنهي كما وقع عن صاحب المواقف، وقلده فيه الناصب هيهنا ينافي حكمهم بأن
____________________
(1) وإليه ذهب أكثر أصحابنا الإمامية، سيما المتأخرين منهم حيث صرحوا بكون الحسن والقبح دائرين مدار الوجوه والاعتبارات. وقد مر بيان ذلك في التعاليق السالفة مفصلا فليراجع.