نقول بالاتحاد والحلول وأنهما مبنيان على الاثنينية والكثرة وغير ذلك " إنتهى " وبالجملة هيهنا جماعة من المتصوفة القائلين بالاتحاد والحلول كما ذكره المصنف قدس سره، وقد وقع التصريح بذلك أيضا في المواقف وشرحه، حيث قال: المخالف في هذين الأصلين يعني عدم الاتحاد وعدم الحلول طوائف ثلاث، الأولى النصارى وضبط مذهبهم إلى أن قال، الثالثة بعض المتصوفة وكلامهم مخبط بين الحلول والاتحاد، و الضبط ما ذكرناه في قول النصارى، والكل باطل، ورأيت من الصوفية الوجودية من ينكره ويقول: لا حلول ولا اتحاد، إذ كل ذلك يشعر بالغيرية ونحن لا نقول بها: بل نقول ليس في الدار غيره ديار: وهذا العذر أشد قبحا وبطلانا من ذلك الجرم، إذ يلزم تلك المخالطة التي لا يجترء على القول بها عاقل ولا مميز له أدنى تمييز " إنتهى " وقد ظهر بهذا أيضا أنه ليس منشأ ما ذكره المصنف عدم اطلاعه على مصطلحات الصوفية الحقة، كيف وقد حقق في مصنفاته موافقا لغيره من المتألهين أن الوجود حقيقة الله تعالى ووجودات الممكنات إنما هي انتسابها إليه، فيقولون:
قولنا زيد موجود بمنزلة قولنا ماء مشمس، وأما ما قيل: إن الكلي الطبيعي موجود عند الصوفية وغيرهم من محققي الحكماء والمتكلمين، والوجود المطلق الكلي عين الواجب عندهم، والممكنات المشاهدة تعينات له فلا استبعاد في القول بوحدة الوجود، فمستبعد من وجهين في نظر العقل: أحدهما حصول الموجودات الكثيرة بسبب عروض التعينات والاعتبارات لحقيقة واحدة موجودة، وثانيهما انتفاء الحقائق المختلفة الموجودة في نفس الأمر، ووجود الكلي الطبيعي لو سلم إنما يفيد في دفع الاستبعاد الأول دون الثاني " تأمل " وأما ما ذكره الناصب في تحقيق وحدة الوجود: من أن نسبة الوجود والعدم إلى الممكن على السواء، فهو مما يقوله (1) الظاهريون من المتكلمين أيضا، ولا يلزم من ذلك ما فرعه الناصب
____________________
(1) قائله الفاضل الخرآبادي في حاشية الدرة الفاخرة.