حال وجوده، استدلال باطل على مدعى مخترع له، فإن كون الرؤية معنى يحصل في الرائي لا يوجب جواز تعلقها بالمعدوم، بل المدعى أنه يتعلق بكل موجود كما ذكر هو في الفصل السابق. وأما تعلقه بالمعدوم فليس بمذهب الأشاعرة ولا يلزم من أقوالهم في الرؤية. ثم ما ذكره من أن العلم باستحالة رؤية الطعوم و الروائح ضروري مثل العلم باستحالة رؤية المعدوم، فقد ذكرنا: أنه إن أراد بهذه، الاستحالة العقلية فممنوع، وإن أراد العادية فمسلم، والاستبعاد لا يقدح في الحقائق الثابتة بالبرهان، ثم ما ذكر من أنه على تقدير كون ذلك المعنى موجودا كان يصح منا أن نرى ذلك المعنى، لأنه موجود، وكل موجود يصح رؤيته و يتسلسل، لأن رؤية المعنى إنما تكون لمعنى آخر، فالجواب: أن العقل يجوز رؤية كل موجود وإن استحال عادة، فالرؤية إذا كانت موجودة به يصح أن يرى بنفسها لا برؤية أخرى، فانقطع التسلسل كما ذكر في الوجود على تقدير كونه موجودا، فلا استحالة فيه ولا مصادمة للضرورة. ثم ما ذكره من باقي التشنيعات والاستبعادات قد مر جوابه غير مرة ونزيد جوابه في هذه المرة بهذين البيتين: شعر وذي سفه يواجهني بجهل * وأكره أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة وأزيد حلما * كعود زاده الاحراق طيبا " إنتهى كلامه. " أقول: لا يخفى أن كلام المصنف قدس سره صريح في هذا المبحث أيضا في استعمال الادراك في الأعم، وأصرح من الكل في التعميم للكل قوله في آخر هذا المبحث: وأي عاقل يرضى لنفسه تقليد من يذهب إلى جواز رؤية الطعم و الرائحة والحرارة والبرودة والصوت بالعين، وجواز لمس العلم والقدرة والطعوم والرائحة " الخ " وأما ما قدمه من البيان فقد أتينا عليه سابقا بما يجري مجرى
(١٢٥)