ان ظل الشاخص عند وصول الشمس إلى دائرة نصف النهار يقع على خط نصف النهار كما تقدمت الإشارة إليه وعند ميلها عن الدائرة إلى جانب المغرب يميل الظل إلى المشرق وهذه العلامة أيضا كسابقتها عامة يميز الزوال بها في كل مكان وهي أبين من سائر العلامات فإنه يعرف بها أول الوقت على سبيل التحقيق دون غيرها حتى العلامة السابقة فان زيادة الظل بعد نقصانه وان كانت من لوازم أول الوقت عقلا لكن تمييزها حسا يتوقف غالبا على مضي مقدار معتد به من الزوال واما ميل الظل عن خط نصف النهار إلى جانب المشرق فيدرك بالحس في أول أناته لكنه موقوف على احراز خط نصف النهار وطريق استخراج ذلك الخط على ما ذكره جملة من الأصحاب ان تساوي موضعا من الأرض تسوية صحيحة بحيث تخلو عن الانخفاض والارتفاع ثم تدير عليها دائرة وكلما كانت الدائرة أوسع كانت المعرفة أسهل وتنصب على مركزها مقياسا مخروطا محدد الرأس يكون طوله قدر ربع قطر الدائرة تقريبا نصبا مستقيما بحيث تحدث عن جوانبه زوايا قوائم بان يكون نسبته ما بين رأس المقياس ومحيط الدائرة من جميع جوانبها متوازية ثم ترصد ظل المقياس قبل الزوال حين يكون خارجا عن محيط الدائرة نحو المغرب فإذا انتهى رأس الظل إلى محيط الدائرة يريد الدخول فيه تعلم عليه علامة ثم ترصده بعد الزوال قبل خروج الظل من من الدائرة فإذا أراد الخروج عنه تعلم عليه علامة وتصل ما بين العلامتين بخط مستقيم وتنصف ذلك الخط وتصل ما بين مركز الدائرة ومنتصف الخط وهو خط نصف النهار فإذا القى المقياس ظله على هذا الخط الذي هو خط نصف النهار كانت الشمس في وسط السماء لم تزل فإذا اخذ رأس الظل في الميل إلى جانب المشرق فقد زالت وطريق اخر نبه عليه بعضهم وهو أخف مؤنة أو أسهل تناولا من الأول ان يخط على ظل المقياس من أصله خطا عند طلوع الشمس واخر عند غروبها فان اتصل الخطان وصارا خطا واحدا كما قد يتفق في بعض البلاد التي لا يبقى فيها للشاخص ظل عند الزوال في بعض الأوقات نصف ذلك الخط من موضع المقياس بخط اخر قائم عليه بحيث يحدث منهما زوايا قوائم وان تقاطعا كما هو الغالب نصف الزاوية الحاصل من تقاطعهما فالخط المنصف في الصورتين هو خط نصف النهار وفي الجواهر بعد ان ذكر الطريقين المزبورين لمعرفة خط نصف النهار قال ويمكن استخراجه بغير ذلك انما الكلام في اعتبار مثل هذا الميل في دخول الوقت بعد ان علقه الشارع على الزوال الذي يراد منه ظهوره لغالب الافراد حتى أنه اخذ فيه استبانته كما سمعته في الخبر السابق وأناطه بتلك الزيادة التي لا تخفى على أحد على ما هي عادته في إناطة أكثر الأحكام المترتبة على الأمور الخفية بالأمور الجلية كي لا يوقع عباده في شبهة كما سمعته في خبر الفجر بل امر بالتربص وصلاة ركعتين ونحوهما انتظارا لتحققه فعل الأحوط مراعاة تلك العلامة المنصوبة في معرفة الزوال وان تأخر تحققها عن ميل الشمس عن خط نصف النهار بزمان خصوصا والاستصحاب وشغل الذمة وغيرها موافقة لها انتهى وفيه ان المراد بالزوال المعلق عليه الحكم في الكتاب والسنة وفتاوى الأصحاب ليس الا نفسه لا ظهوره للغالب وزيادة الظل بعد نقصانه من لوازم الزوال كما يدل عليه الأخبار المتقدمة ويشهد به الاعتبار واعتبار الاستبانة في الخبر المتقدم انما هو من باب الطريقة كما يدل عليه نفس هذه الرواية فضلا عن غيرها فمتى أحرز الموضوع بسائر الطرق جاز ترتيب الأثر عليه وقياس المقام على الفجر الذي يكون لتبينه مدخلية في تحقق موضوعه قياس مع الفارق الثالث بالاقدام كما يدل عليه صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال تزول الشمس في النصف من حزيران على نصف قدم وفي النصف من تموز على قدم ونصف وفي النصف من آب على قدمين ونصف وفي النصف من أيلول على ثلاثة اقدام ونصف وفي النصف من تشرين الأول على خمسة اقدام ونصف وفي النصف من تشرين الاخر على سبعة ونصف وفي النصف من كانون الأول على تسعة ونصف وفي النصف من كانون الاخر على سبعة ونصف وفي النصف من شباط على خمسة ونصف وفي النصف من أزاد على ثلاثة ونصف وفي النصف من بيان على قدمين ونصف وفي النصف من ايار على قدم ونصف وفي النصف من حزيران على نصف قدم وقد حكى عن جملة من أصحابنا رضوان الله عليهم منهم العلامة في المنتهى وشيخنا البهائي انهم ذكروا ان هذه الرواية مختصة بالعراق وما قاربها لان عرض البلاد العراقية يناسب ذلك ولان الراوي لهذا الحديث وهو عبد الله بن سنان عراقي وعن صاحب المنتقى والعلامة في التذكرة انهما ذكرا ان النظر والاعتبار يدلان على أن هذا مخصوص بالمدينة أقول وهذا مبني على أن يكون عرض المدينة زائدا على الميل الأعظم وعدم انعدام الظل فيها أصلا كما حكى عن العلامة وغيره وكيف كان فلا ريب في أن ما في الرواية تحديد تقريبي فلا يتوجه عليه الاشكال بان اختلاف الأشهر في ازدياد الظل ونقصانه تدريجي الحصول فكيف جعل في الرواية ازدياده في ثلاثة اشهر الصيف قدما قدما وفي اشهر الخريف قدمين قدمين ونقصانه في الشتاء والربيع بعكس ذلك فان المقصود بالرواية بحسب الظاهر بيان ما يعرف به الزوال تقريبا والتنبيه على اختلاف الظل في الفصول الأربعة وبيان مقدار التفاوت على سبيل الاجمال والله العالم ونظير هذه العلامة في في لاطراد وكونها علامة تقريبية العلامة الرابعة التي ذكرها المصنف رحمه الله بقوله أو بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة فإنه علامة لأهل العراق كما ذكره غير واحد من الأصحاب بل عن جامع المقاصد نسبته إليهم لكن مع التقييد بما سمعت كما أنه بحسب الظاهر هو المراد باطلاق المتن ضرورة عدم كون ما ذكر علامة على الاطلاق بل في المدارك وغيره تقييده أيضا بمن كان قبلته نقطة الجنوب منهم كاطراف العراق الغربية دون أوساطه وأطرافه الشرقية فان قبلتهم تميل عن نقطة الجنوب فلا يكون ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن عند استقبال القبلة الا بعد مضي مقدار معتد به من الزوال لكن بما أشرنا إليه من كون هذه العلامة تقريبية يندفع هذا الاشكال إذ لم يقصد بها الا بمعرفة دخول الوقت لا أوله على سبيل التحقيق ولو بالنسبة إلى من كانت قبلته نقطة الجنوب إذ لا يتميز بالحس أول انات ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن الذي هو لوازم
(٢٦)