هو القدر الذي يسع فعل النافلة فالمدار على مقدار فعل النافلة لا على مقدار قدم من حيث هو كما يؤيده عطف قوله عليه السلام في الروايتين أو نحو ذلك ويشهد له الأخبار الكثيرة الدالة على أن العبرة بالفراغ من النافلة لا بالقدم والقدمين كموثقة ذريح ورواية محمد بن الفرج المتقدمتين وصحيحة حارث بن المغيرة وعمر بن حنظلة ومنصور بن حازم قالوا كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد الله عليه السلام الا أنبئكم بابين من هذا إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة وذلك إليك ان شئت طولت وان شئت قصرت وحسنة ذريح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام متى أصلي الظهر والعصر فقال صل الزوال ثمانية ثم صل الظهر ثم صل سبحتك طالت أو قصرت ثم صلى العصر وموثقة سماع قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام إذا زالت الشمس فصل ثمان ركعات ثم صل الفريضة أربعا فإذا فرغت من سبحتك قصرت وطولت فصل العصر وعن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة وذلك إليك ان شئت طولت وان شئت قصرت وعن ابن أبي عمير قال إذا صليت الظهر فقد دخل وقت العصر الا ان بين يديها سبحة فذلك إليك ان شئت طولت وان شئت قصرت وعن مالك الجهني انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر فقال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين فإذا فرغت من سبحتك فصل الظهر متى بدا لك وعن عيسى بن منصور قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام إذا زالت الشمس فصليت سبحتك فقد دخل وقت الظهر وعن محمد بن أحمد بن يحيى قال كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السلام روى ابائك القدم والقدمين والأربع والقامة والقامتين وظل مثلك والذراع والذراعين فكتب عليه السلام لا القدم ولا القدمين إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سبحة وهي ثمان ركعات فان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل الظهر فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة وهي ثمان ركعات ان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل العصر فتلخص من جميع ما ذكرنا ان مقتضى الجمع بين الأدلة حمل الخبرين الدالين على أن وقت الظهر بعد الزوال بقدم ونحوه على إرادة وقتها الذي جعل لها ثانيا وبالعرض بلحاظ ترتبها على فعل النافلة فان مقتضى امر الشارع بالثمان ركعات نافلة الزوال في أول الوقت تأخر زمان أداء الفريضة على أول الوقت بمقدار زمان فعل النافلة وهو مقدار قدم تقريبا والا للزم الامر بايجاد المتضادين في زمان واحد وهو غير معقول وحيث إن تأخر وقت الفريضة مسبب عن مزاحمة فعلها في أول الوقت للخروج عن عهدة التكليف بالنافلة اختص بما إذا كانت النافلة مشروعة ولذا استثنى في الخبرين يوم الجمعة وفى السفر لكن لما لم يكن التكليف بالنافلة الزاميا جاز له ترك النافلة والاتيان بالفريضة في أول الوقت لانتفاء ما يقتضي تقييد لأدلة الدالة عليه في الفرض بل قد عرفت عند البحث عن إزالة النجاسة عن المسجد انه لو ترك الإزالة وصلى في سعة الوقت صحت صلاته فان الامر بالإزالة مضيفا وان اقتضى تقييد الامر بالصلاة بما بعد زمان الإزالة لكن لما كان منشأه المزاحمة اختص التقييد بموردها وهو ما إذا اشتغل بالإزالة فوقت الصلاة عند تنجز التكليف بالإزالة وان كان بعد مضي زمان يتمكن من فعل الإزالة لكن لو ترك الإزالة فوقتها من أول الوقت فكذلك فيما نحن فيه واما اخبار القدمين والأربعة اقدام وما بمعناها من التحديد بالذراع والذراعين فالمراد بها على الظاهر هو الوقت الذي يبدء فيه بالفريضة في مقابل وقت التطوع الذي يكون تكليفه الفعلي ابتداء هو الاتيان بالنافلة ثم بالفريضة كما يشهد بذلك ما في نفس تلك الأخبار وغيرها مما عرفت وسيأتي لذلك مزيد توضيح عند البحث عن تحديد أوقات النوافل إن شاء الله لكن يبعد ارتكاب هذا التوجيه في بعض الأخبار الدالة على أن أول وقت العصر بعد مضي أربعة اقدام مثل رواية إبراهيم الكرخي قال سئلت أبا الحسن موسى عليه السلام متى يدخل وقت الظهر قال إذا زالت الشمس فقلت متى يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضي من زوالها أربعة اقدام ان وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت فمتى يدخل وقت العصر فقال إن اخر وقت الظهر هو أول وقت العصر فقلت فمتى يخرج وقت العصر فقال وقت العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضييع الحديث فان حملها على إرادة ما ذكر يستلزم التفكيك بحمل ما أريد من وقت صلاة الظهر على معنى مغاير لما أريد من وقت صلاة العصر وهو بعيد ونحوها بل واشكل من ذلك رواية محمد بن حكيم قال سمعت العبد الصالح عليه السلام وهو يقول إن أول وقت الظهر زوال الشمس واخر وقتها قامة من الزوال وأول وقت العصر قامة واخر وقتها قامتان قلت في الشتاء والصيف سواء قال نعم بناء على تفسير القامة بالذراع كما في غير واحد من الروايات الآتية والا فحال هذه الرواية حال ما رواه يزيد بن خليفة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان عمر بن حنظلة اتانا عنك بوقت فقال إذا لا يكذب علينا قلت ذكر انك قلت إن أول صلاة افترضها الله على نبيه صلى الله عليه وآله الظهر وهو قول الله عز وجل أقم الصلاة لدلوك الشمس فإذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ثم لا تزال في وقت إلى أن يصير الظل قامة وهو اخر الوقت فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وذلك المساء قال صدق فان المراد بالقامة في هذه الرواية بحسب الظاهر هي قامة الشخص كما هو المتبادر من لفظها لان صيرورة ظل الشاخص مثليه هو الذي يترتب عليه المساء لا أربعة اقدام وكيف كان فهذه الروايات بظاهرها منافيه لجل الأخبار المتقدمة من وجوه وستعرف ان هذا النحو من الاختلاف في الأخبار الواردة في باب المواقيت غير عزيز فالتفصي عن كل واحدة من هذه الروايات بالخدشة فيها بضعف السند أو جعل بعضها معارضة ببعض واسقاطها عن الاعتبار أو غير ذلك من المناقشات الجزئية الغير المطردة غير مجدية بعد ان علم اجمالا بصدور كثير منها بل جلها من الأئمة عليهم السلام كما في جملة من الأخبار المعتبرة الإشارة إليه وسيأتي التكلم في توجيهها إن شاء الله تعالى وقد أشرنا فيما سبق إلى عدم صلاحية شئ من الروايات لمعارضة الطائفة الأولى من الاخبار المصرحة بدخول وقت الصلاتين من أول الزوال مرتبة ثانيهما على الأولى كما هو المطلوب فان أمكن توجيه سائر الروايات بما لا ينافي في تلك الأخبار فهو والا يجب رد علمها إلى أهله فما تضمنه تلك الأخبار من دخول وقت الصلاتين بالزوال اجمالا مما لا شبهة
(١٨)