الصمد الكوفة فاستأمن له عيسى بن موسى وأمنه المنصور وقيل بل أقام بالرصافة حتى قدمها جمهور بن مران العجلي في خيول أرسلها المنصور فبعث به موثقا مع أبي الخطيب فأطلقه المنصور وأما عبد الله فقدم البصرة وأقام عند أخيه سليمان متواريا حتى طلبه وأشخص إليه ثم إن أبا مسلم أمن الناس بعد الهزيمة وأمر بالكف عنهم كان أبو مسلم لما حج مع المنصور يؤيد نفسه عليه ويتقدم بالاحسان للوفود واصلاح الطريق والمياه وكان الذكر له وكان الاعراب يقولون هذا المكذوب عليه ولما صدروا عن الموسم تقدم أبو مسلم ولقيه الخبر بوفاة السفاح فبعث إلى أبي جعفر يعزيه ولم يهنئه بالخلافة ولا رجع إليه ولا أقام ينتظره فغضب أبو جعفر وكتب إليه وأغلظ في العتاب فكتب يهنئه بالخلافة ويقدم إلى فدعا عيسى بن موسى إلى أن يبايع له فأبى وقدم أبو جعفر وقد خلع عبيد الله بن علي فسرح أبا مسلم لقتاله فهزمه كما مر وجمع الغنائم من عسكره فبعث المنصور مولاه أبا الخصيب لجمعها فغضب أبو مسلم وقال أنا أعين على الدعاء فكيف أخون الأموال وهم بقتل الخصيب ثم خلى عنه وخشى المنصور أن يمضى إلى خراسان فكتب إليه بولاية مصر والشأم فازداد نفارا وخرج من الجزيرة يريد خراسان وسار المنصور إلى المدائن وكتب إليه يستقدمه فأجابه بالامتناع والمسك بالطاعة عن بعد والتهديد بالخلع ان طلب منه سوى ذلك فكتب إليه المنصور ينكر عليه هذا الشرط وانه لا يحسن طاعة وبعث إليه عيسى بن موسى برسالة يؤنسه ويسليه وقيل بل كتب إليه أبو مسلم يعرض له بالخلع وانه قد تاب إلى الله مما جناه من القيام بدعوتهم وأخذ أبو مسلم طريق حلوان وأمر المنصور عمه عيسى ومشيخة بنى هاشم بالكتاب على أبي مسلم يحرضونه على التمسك بالطاعة ويحذرونه عاقبة البغي ويأمرونه بالمراجعة وبعث الكتب مع مولاه أبى حميد المرودوذي وأمره بملاينته والخضوع له بالقول حتى ييأس منه فإذا يئس يخبره بقسم أمير المؤمنين لأوكلت أمرك إلى غيرى ولو خضت البحر لخضته وراءك ولو اقتحمت النار لاقتحمتها حتى أقتلك أو أموت فأوصل أبو حميد الكتب وتلطف له في القول ما شاء واحتج عليه بما كان منه في التحريض على طاعتهم فاستشار أبو مسلم مالك بن الهيثم فأبى له من الاصغاء إلى هذا القول وقال والله لئن أتيته ليقتلنك ثم بعث إلى نيزك صاحب الري يستشيره فأبى له من ذلك وأشار عليه بنزول الري وخراسان من ورائه فيكون أمكن لسلطانه فأجاب أبا حميد بالامتناع فلما يئس منه أبلغه مقالة المنصور فوجم طويلا ورعب من ذلك القول وأكبره وكان المنصور قد كتب إلى
(١٨٢)