شبيبا واسلك في أثره أين سلك حتى تدركه فاقتله أو تنفيه فإنما السلطان سلطان أمير المؤمنين والجند جنده فجعل ابن الأشعث يتبعه وشبيب يقصد به الأرض الخشنة الغليظة وإذا دنا منه رجع يبيته فيجده على حذرة حتى أتعب الجيش وأحفى دوابهم ونزل بطن أرض الموصل ليس بينه وبين سواد الأنهر حولايا في دادان الأعلى من أرض خوخى ونزل عبد الرحمن في عواقيل النهر وكانت أيام النحر وطلب شبيب الموادعة فيها فأجابه قصدا للمطاولة وكتب عثمان بن قطن بذلك إلى الحجاج فنكر وبعث إلى عثمان بن قطن بامارة العسكر وأمره بالمسير وعزل عبد الرحمن بن الأشعث وبعث على المدائن مطرف بن المغيرة مكان ابن قطن وقدم ابن قطن على عسكر الكوفة عشية يوم التروية وناداهم إلى الحرب فاستمهلوه وأنزله عبد الرحمن بن الأشعث وأصبحوا إلى القتال ثالث يومهم على تعبية وفى الميمنة خالد بن نهيك بن قيس وفى الميسرة عقيل ابن شداد السلولي وابن قطن في الرجالة وعبر إليهم شبيب في مائة وثلاثين رجلا فوقف في الميمنة وأخوه مضاد في القلب وسويد بن سليم في الميسرة وحمل شبيب على ميسرة عثمان بن قطن فانهزموا ونزل عقيل بن شدادا فقاتل حتى قتل وقتل معه مالك بن عبد الله الهمداني وحمل سويد على ميمنة عثمان فهزمها وقاتل خالد بن نهيك فجاء شبيب من ورائه فقتله وتقدم عثمان إلى مضاد في القلب فاشتد القتال وحمل شبيب من وراء عثمان وعطف عليهم سويد بن سليم ومضاد من القلب حتى أحاطوا به فقتلوه وانهزمت العساكر ووقع عبد الرحمن بن الأشعث فأتاه ابن أبي شثبة الجعفي وهو على بغلة فأردفه ونادى في الناس باللحاق بدير أبى مريم ورفع شبيب السيف عن الناس ودعاهم إلى البيعة فبايعوه ولحق ابن الأشعث بالكوفة فاختفى حتى أمنه الحجاج ومضى شبيب إلى ماه نهرادان فأقام فيه فصل الصيف فلحق به من كان للحجاج عليه تبعة ثم أقبل إلى المدائن في ثمانمائة رجل وعليها مطرف بن المغيرة وبلغ الخبر إلى الحجاج فقام في الناس وتسخط وتوعد فقال زهرة بن حوية وهو شيخ كبير لا يستطيع القيام الا معتمدا أنت تبعث الناس متقطعين فيصيبون منهم فاستنفر الناس جميعا وابعث عليهم رجلا شجاعا مجربا يرى الفرار عارا والصبر مجدا وكرما فقال الحجاج أنت ذلك الرجل فقال انما يصلح من يحمل الدرع والرمح ويهز السيف ويثبت على الفرس ولا أطيق من هذا شيئا وقد ضعف بصرى ولكن أكون مع أمير وأشير عليه فقال له جزاك الله خيرا عن الاسلام وأهله أول أمرك وآخره ثم قال للناس سيروا فتجهزوا بأجمعكم فتجهزوا و كتب الحجاج إلى عبد الملك بأن شبيبا شارف المدائن يريد الكوفة وهم عاجزون عن قتاله بما هزم جندهم وقتل أمراءهم ويستمده من جند الشأم فبعث إليه عبد الملك سفيان بن الأبرد
(١٥٦)