أخبارنا على مجرد الاكتفاء بالاسلام على التقية. وأما ما يوجد في كلام متأخري علمائهم من تفسير العدالة بالملكة فلعله حدث أخيرا من زمن شريك ونحوه كما حدث ذلك لمن تبعهم من متأخري أصحابنا (رضوان الله عليهم) مع عدم وجوده في كلام متقدميهم.
و (ثالثا) أنه متى قيل بما دل عليه الخبران المذكوران ونحوهما من أن العدالة عبارة عن مجرد الاسلام فاللازم من ذلك طرح تلك الأخبار الصحيحة الصريحة في أن العدالة عبارة عن أمر زائد على مجرد الاسلام من التقوى والصلاح والعفاف ونحو ذلك من تلك الأوصاف وكذا مخالفة الآية وهو مما لا يلتزمه محصل، فالواجب حمل الخبرين المذكورين على ما ذكرناه من التقية وإلا فطرحهما بموجب تلك القاعدة المتقدمة الواضحة.
و (رابعا) أنه يحتمل تقييد الخبرين المذكورين بما قدمنا من الأخبار وذلك فإن غاية هذين الخبرين أن يكونا مطلقين بالنسبة إلى اشتراط العدالة وطريق الجمع في مثل هذا المقام حمل المطلق على المقيد، وإلى ذلك يشير كلام المحدث الكاشاني في الوافي حيث أنه نقل في أول الباب صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة (1) ثم نقل بعدها رواية اللاعب بالحمام المتضمنة لنفي البأس عن قبول شهادته إذا لم يعرف بفسق (2) ثم نقل خبر حريز المذكور ومرسلة يونس الآتية إن شاء الله تعالى ثم قال ما صورته: والجمع بين هذه الأخبار يقتضي تقييد مطلقها بمقيدها أعني تقييد ما سوى الأول بما في الأول من التعاهد للصلوات والمواظبة على الجماعات إلا من علة وأنه الميزان في معرفة العدالة.. الخ.
(الثالثة) مرسلة يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: " خمسة أشياء يجب على الناس أن يأخذوا فيها بظاهر الحكم: الولايات والتناكح والمواريث والذبائح والشهادات، فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه ".