فاقض متى شئت) وقال أيضا: ﴿إذا احترق القرص كله فاغتسل.. إلى آخر ما تقدم﴾ (1) فإنه واضح الدلالة في وجوب القضاء في الصورة المذكورة.
وأما الاستدلال للقول المشهور بمرسلة حريز (2) كما ذكره جملة من الأصحاب فظني بعده، إذا الأقرب حمل هذه الرواية على صورة الاحتراق الموجب للقضاء مطلقا علم أو لم يعلم وأنه مع العلم والتفريط يضم الغسل إلى القضاء ومع العلم يقضي بلا غسل.
وأنت خبير بأن من يحكم بصحة الأخبار كملا ولا يلتفت إلى هذا الاصطلاح فالواجب عنده الجمع بين هذه الأخبار، وذلك بتقييد اطلاق الأخبار الدالة على نفي القضاء بصورة عدم العلم مع عدم الاستيعاب فإنه لا قضاء في هذه الصورة كما دريت من الأخبار المتقدمة المفصلة) وبالجملة فإن رواية عمار ورواية كتاب الفقه مفصلة وتلك الروايات مجملة والمفصل يحكم على المجمل، ولعل في عدوله (ع) في صحيحتي علي بن جعفر والبزنطي المتقدمتين عن لفظ الراوي في سؤاله إلى التعبير بلفظ الفوات اشعارا بما ذكرنا.
وأما الجمع بين الأخبار - بحمل ما دل على القضاء على الاستحباب وبقاء تلك الأخبار على اطلاقها كما احتمله بعض فضلاء الأصحاب - ففيه (أولا) أن مقتضى القاعدة المشهورة إنما هو ما قلناه من حمل المطلق على المقيد والمجمل على المفصل، وإلى هذه القاعدة تشير جملة من الأخبار أيضا وبها صرح الصدوق في كتاب الاعتقادات.
و (ثانيا) - ما قدمناه في غير مقام من أن هذه القاعدة وإن اشتهرت بينهم وعكف عليها أولهم وآخرهم إلا أنه لا مستند لها من سنة ولا كتاب بل ظواهر الأدلة ردها وابطالها، فإن الحمل على الاستحباب مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة واختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز الموجبة لا خراج اللفظ عن حقيقته.