تعريضا على
الأشاعرة ومن يحذو حذوهم من فرق أهل السنة المحرومين عن ذوق الحكمة المنكرين لها الحاكمين بحرمة تعلم المنطق ونحوه من العلوم الحكمية حيث قال: إن علم الحكمة أقوى الدواعي إلى متابعة الشرع، ومن زعم أن الحكمة تخالف الشريعة فهي مفسدة لها قد بنى فيه على مقدمة فاسدة غير كلية، تقريرها أن الحكمة مخالفة للشريعة وكل ما هو مخالف للشيئ مفسد له، والكبرى غير (1) كلية، فإن الحلاوة تخالف البياض ولا تفسده، والصورة تخالف المادة ولا تفسدها وإذا كانت غير كلية، فلا ينتج القياس. ومن قال: إن الناظر في المنطق مستخف بالشريعة، فإن ذلك القائل طاعن في الشريعة، لأن كلامه في قوة قول من يقول إن الشريعة لا تثبت عند البحث والتحقيق، ومنزلته منزلة رجل حامل للدراهم البهرجة (2) التي يهرب معها من النقاد، ويأنس بمن ليس من أهل المعرفة، فمن قال: إن الحكمة تفسد الشريعة فهو الطاعن في الشريعة لا المنطقي الذي يميز بين الصدق والكذب " إنتهى كلامه " وأيضا فذلك تشنيع بما هو وأصحابه أولى به،
____________________
(1) لا يخفى إن الأولى أن يردد ويقال إن عني بالمخالفة التباين الكلي كما هو ظاهر لفظ المخالفة ففيه إن كل واحد من مسائل الحكمة ليست كذلك وإن أريد بالمخالفة ما ينطبق على التباين الجزئي ففيه إن مخالفة بعضها لا تضر ببعضها الآخر.
(2) البهرج: الباطل والردي.