بين الملوك وأهل الدول الا ويحدث فيها بين هؤلاء ما يعنى أهل الدولة خاصة زيادة لما يحدث منهم أيام سكون الدول واستقامتها وضاقت الأحوال على المستعصم فأسقط أهل الجند وفرض أرزاق الباقين على البياعات والأسواق وفى المعايش فاضطرب الناس وضاقت الأحوال وعظم الهرج ببغداد ووقعت الفتن بين الشيعة وأهل السنة وكان مسكن الشيعة بالكرخ في الجانب الغربي وكان الوزير ابن العلقمي منهم فسطوا بأهل السنة وأنفذ المستعصم ابنه أبا بكر وركن الدين الدوادار وأمرهم بنهب بيوتهم بالكرخ ولم يراع فيه ذمة الوزير فآسفه ذلك وتربص بالدولة وأسقط معظم الجند يموه بأنه يدافع التتر بما يتوفر من أرزاقهم في الدولة وزحف هلاكو ملك التتر سنة ثنتين وخمسين إلى العراق وقد فتح الري وأصبهان وهمذان وتتبع قلاع الإسماعيلية ثم قصد قلعة الموت سنة خمس وخمسين فبلغه في طريقه كتاب ابن الصلايا صاحب إربل وفيه وصية من ابن العلقمي وزير المستعصم إلى هلاكو يستحثه لقصد بغداد ويهون عليه أمرها فرجع عن بلاد الإسماعيلية وسار إلى بغداد واستدعى أمراء النتر فجاءه بنحو مقدم العسكر ببلاد الروم وقد كانوا ملكوها ولما قاربوا بغداد برز للقائهم ايبك الدوادار في العساكر فانكشف التتر أولا ثم تذامروا فانهزم المسلمون واعترضتهم دون بغداد أو حال مياه من بثوق انتفثت من دجلة فتبعهم التتر دونها وقتل الدوادار وأسر الأمراء الذين معه ونزل هلاكو بغداد وخرج إليه الوزير مؤيد الدين بن العلقمي فاستأمن لنفسه ورجع بالأمان إلى المستعصم وانه يبقيه على خلافته كما فعل بملك بلاد الروم فخرج المستعصم ومعه الفقهاء والأعيان فقبض عليه لوقته وقتل جميع من كان معه ثم قتل المستعصم شدخا بالعمد ووطأ بالاقدام لتجافيه بزعمه عن دماء أهل البيت وذلك سنة ست وخمسين وركب إلى بغداد فاستباحها واتصل العيث بها أياما وخرج النساء والصبيان وعلى رؤسهم المصاحف والألواح فداستهم العساكر وماتوا أجمعون ويقال ان الذي أحصى ذلك اليوم من القتلى ألف ألف وستمائة ألف واستولوا من قصور الخلافة وذخائرها على ما لا يبلغه الوصف ولا يحصره الضبط والعد وألقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم جميعها في دجلة وكانت شيئا لا يعبر عنه مقابلة في زعمهم بما فعله المسلمون لأول الفتح في كتب الفرس وعلومهم واعتزم هلاكو على اضرام بيوتها نارا فلم يوافقه أهل مملكته ثم بعث العساكر إلى ميا فارقين فحاصروها سنين ثم جهدهم الحصار واقتحموها عنوة وقتل حاميتها جميعا وأميرهم من بنى أيوب وهو الملك ناصر الدين محمد بن شهاب الدين غازي بن العادل أبى بكر بن أيوب وبايع له صاحب الموصل وبعث بالهدية والطاعة وولاه على عمله
(٥٣٧)