بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكى من اقسنقر وكان من مماليك السلجوقية وأمرائهم المقيمين للدعوة العباسية وكان صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب بن الكردي هو وأبوه نجم الدين أيوب وعمه أسد الدين شير كوه في جماعة من الأكراد في خدمته نور الدين محمود بالشام فلما جاء شاور مستنجدا بعث معه هؤلاء الأمراء الأيوبية وكبيرهم أسد فأعاده إلى وزارته وقتل الضرغام ولم يوف له وشاور بما ضمن له عند مسيره الشأم في نجدته وكان الفرنج قد ملكوا سواحل مصر والشأم وزاحموا ما يليهم من الاعمال وضيقوا على مصر والقاهرة ان ملكوا بلبيس وأيلة عند العقبة واستولوا على الدولة العلوية في الضرائب والطلبات وأصبحوا مأوى لمن ينحني عن الدولة وداخلهم شاور في مثل ذلك فارتاب به العاضد وبعث عز الدين مستصرخا به على الفرنج في ظاهر أمره ويسرحون في ارتعاء من إبادة شاور والتمكن منه فوصل لذلك وولاه العاضد وزارته وقلده ما وراء بابه فقتل الوزير شاور وحسم داءه وكان مهلكه قريبا من وزارته يقال لسنة ويقال لخمسين يوما فاستوزر العاضد مكانه صلاح الدين ابن أخيه نجم الدين فقام بالأمر وأخذ في اصلاح الأحوال وهو يعد نفسه وعمه من قبله نائبا عن نور الدين محمود بن زنكى الذي بعثه وعمه للقيام بذلك ولما ثبت قدمه بمصر وأزال المخالفين ضعف أمر العاضد وتحكم صلاح الدين في أموره وأقام خادمه قراقوش للولاية عليه في قصره والتحكم عليه فبعث إليه نور الدين محمود الملك العادل بالشأم أن يقطع الخطبة للعاضد ويخطب للمستضئ ففعل ذلك على توقع النكير من أهل مصر فلما وقع ذلك ظهر منه الاغتباط وانمحت آثار الدولة العلوية وتمكنت الدولة العباسية فكان ذلك مبدأ الدولة لبنى أيوب بمصر ثم ملكوا من بعدها أعمال نور الدين بالشأم واستضافوا اليمن وطرابلس الغرب واتسع ملكهم كما يذكر في أخبارهم ولما خطب للمستضئ بمصر كتب له نور الدين محمود من دمشق مبشرا بذلك فضربت البشائر ببغداد وبعث بالخلع إلى نور الدين وصلاح الدين مع عماد الدين صندل من خواص المقتفوية وهو أستاذ دار المستضئ فجاء إلى نور الدين بدمشق وبعث الخلع إلى صلاح الدين وللخطباء بمصر وباسلام السواد واستقرت الدعوة العباسية بمصر إلى هذا العهد والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ثم بعث نور الدين محمود إلى المستضئ رسوله القاضي كمال الدين أبا الفضل محمد بن عبد الله الشهرزوري قاضي بلاده يطلب التقليد لما بيده من الاعمال وهي مصر والشأم والجزيرة والموصل وبما هو في طاعته كديار بكر وخلاط وبلاد الروم التي لقليج أرسلان وان يقطع صريعين ودرب هارون من بلاد سواد العراق كما كانتا لأبيه فأكرم الرسول وزاد في الاحسان
(٥٢٦)