أن يكون عزائي فيك جميلا ان تقدمتني احتسبتك وان ظفرت سررت بظفرك ثم قالت اخرج حتى أنظر ما يصير أمرك جزاك الله خيرا قال فلا تدعى الدعاء لي فدعت له وودعها وودعته ولما عانقته للوداع وقعت يدها على الدرع فقالت ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال ما لبستها الا لأشد منك فقالت إنه لا يشد منى فنزعها وقالت له البس ثيابك مشمرة ثم خرج فحمل على أهل الشأم حملة منكرة فقتل منهم ثم انكشف هو وأصحابه وأشار عليه بعضهم بالفرار فقال بئس الشيخ اذن أنا في الاسلام إذا واقعت قوما فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم وامتلأت أبواب المسجد بأهل الشأم والحجاج وطارق بناحية الأبطح إلى المروة وابن الزبير يحمل على هؤلاء وعلى هؤلاء وينادى أبا صفوان لعبد الله ابن صفوان بن أمية بن خلف فيجيبه من جانب المعترك ولما رأى الحجاج احجام الناس عن ابن الزبير غضب وترجل وحمل إلى صاحب الراية بين يديه فتقدم ابن الزبير إليهم وكشفهم عنه ورجع فصلى ركعتين عند المقام وحملوا على صاحب الراية فقتلوه عند باب بنى شيبة وأخذوا الراية ثم قاتلهم وابن مطيع معه حتى قتل ويقال أصابته جراحة فمات منها بعد أيام ويقال أنه قال لأصحابه يوم قتل يا آل الزبير أو طبتم لي نفسا عن أنفسكم كاهل بيت من العرب اصطلمنا في الله فلا يرعكم وقع السيوف فان ألم الدواء في الجرح أشد من ألم وقعها صونوا سيوفكم بما تصونون وجوهكم وغضوا أبصاركم عن البارقة وليشغل كل امرئ قرنه ولا تسألوا عنى ومن كان سائلا فانى في الرحيل الأول ثم حمل حتى بلغ الحجون فأصابته حجارة في وجهه فأرغش لها ودمى وجهه ثم قاتل قتالا شديدا وقتل في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وحمل رأسه إلى الحجاج فسجد وكبر أهل الشأم وثار الحجاج وطارق حتى وقفا عليه وبعث الحجاج برأسه ورأس عبد الله ابن صفوان ورأس عمارة بن عمرو بن حزم إلى عبد الملك وصلب جثته منكسة على ثنية الحجون اليمنى وبعثت إليه أسماء في دفنه فأبى وكتب إليه عبد الملك يلومه على ذلك فخلى بينها وبينه ولما قتل عبد الله ركب أخوه عروة وسبق الحجاج إلى عبد الملك فرحب به وأجلسه على سريره وجرى ذكر عبد الله فقال عروة انه كان فقال عبد الملك وما فعل قال قتل فخر ساجدا ثم أخبره عروة ان الحجاج صلبه فاستوهب جثته لامه فقال نعم وكتب إلى الحجاج ينكر عليه صلبه فبعث بجثته إلى أمه وصلى عليه عروة ودفنه وماتت أمه بعده قريبا ولما فرغ الحجاج من ابن الزبير دخل إلى مكة فبايعه أهلها لعبد الملك وأمر بكنس المسجد من الحجارة والدم وسار إلى المدينة وكانت من عمله فأقام بها شهرين وأساء إلى أهلها وقال أنتم قتلة عثمان وختم أيدي جماعة من الصحابة بالرصاص استخفافا بهم كما يفعل بأهل الذمة منهم جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسهل
(٣٩)