إليه بعض تلك السفن النهرية وكثير من المقاتلة فأمنهم وأقام شهرا لم يقاتلهم ثم عبى عساكره منتصف شعبان في البر والبحر وكانوا نحوا من خمسين ألفا وكان الزنج في نحو ثلثمائة ألف مقاتل فأشرف عليهم ونادى بالأمان الا للخبيث ورمى بالرقاع في السهام بالأمان فجاء كثير منهم ولم يكن حرب ثم رحل من مكانه ونزل قريبا من المختارة ورتب المنازل من انشاء السفن وشرع في اختطاط مدينة لنزله سماها الموفقية فأكمل بناءها وشيد جامعها وكتب بحمل الأموال والميرة إليها وأغب الحرب شهرا فتتابعت الميرة إلى المدينة ورحل إليها التجار بصنوف البضائع واستبحر فيها العمران ونفقت الأسواق وجلبت صنوف الأشياء ثم أمر الموفق ابنه أبا العباس بقتال من كان من الزنج خارج المختارة فقاتلهم وأثخن فيهم فاستأمن إليه كثير منهم فأمنهم ووصلهم وأقام الموفق أياما يحاصر المحاربين ويصل المستأمنين واعترض الزنج بعض الوفاد الجائية بالميرة فامر بترتيب السفن على مخارج الأنهار ووكل ابنه أبا العباس بحفظها وجاءت طائفة من الزنج بعض الأيام إلى عسكر نصير يريدون الايقاع به فأوقع بهم وظفر ببعض القواد منهم فقتل رشقا بالسهام وتتابع المستأمنة فبلغوا إلى آخر رمضان خمسين ألفا ثم بعث الخبيث عسكرا من الزنج مع علي بن أبان ليأتوا من وراء الموفق إذا ناشبهم الحرب ونمى إليه الخبر بذلك فبعث ابنه أبا العباس فأوقع بهم وحملت الأسرى والرؤس في السفن النهرية ليراها الخبيث وأصحابه وظنوا ان ذلك تمويه فرميت الروس في المجانيق حتى عرفوها فظهر منهم الجزع وتكررت الحرب في السفن بين أبى العباس وبين الزنج وهو يظهر عليهم في جميعها حتى انقطعت الميرة عنهم فاشتد الحصار عليهم وخرج كثير من وجوه أصحابه مستأمنين مثل محمد بن الحرث القمي وأحمد اليربوعي وكان من اشجع رجاله القمي منهم موكلا بحفظ السور فأمنهم الموفق ووصلهم وبعث الخبيث قائدين من أصحابه في عشرة آلاف ليأتوا البطيحة من ثلاثة وجوه فيعبروا من تلك النواحي ويقطعوا الميرة عن الموفق وبلغ الموفق خبرهم فبعث إليهم عسكرا مع مولاه ونزل فأوقع بهم وقتل وأسر وأخذ منهم أربعمائة سفينة ولما تتابع خروج المستأمنة وكل الخبيث من يحفظها وجهدهم الحصار فبعث جماعة من قواده إلى الموفق يستأمنون وان يناشبهم الحرب ليجدوا السبيل إليه فأرسل ابنه أبا العباس إلى نهر الغربي وبه علي بن أبان فاشتد الحرب وظهر أبو العباس على ابن أبان وأمده الخبيث بابن جامع ودامت الحرب عامة يومهم وكان الظفر لابي العباس وسار إليه المستأمنة الذين واعدوه وانصرف أبو العباس إلى مدينة الخبيث وقاتل بعض الزنج طمعا فيهم لقتلهم فتكاثروا عليه ثم جاءه المدد من قبل أبيه فظهر عليهم
(٣٢٢)