ابن سمعان عشاء ذلك اليوم مستأمنا وبكروا إلى الحرب وأمر الموفق ابنه أبا العباس باحراق منازل القواد المتصلة بقصر الخبيث ليشغلهم عن حمايته وقصدت السفن المطلية قصر الخبيث فأحرقوا الرواشن والأبنية الخارجة وعلت النار فيه ورموا بالنار على السفن فلم تؤثر فيها ثم حصر الماء من النهر فزحفت السفن فلما جاء الدعاة إلى القصر أحرقوا بيوتا كانت تشرع على دجلة واشتعلت النار فيها وقويت وهرب الخبيث وأصحابه وتركوها وما فيها واستولى أصحاب الموفق على ذلك كله واستنقذوا جماعة من النساء وأحرق قصر أنكلاي ابنه وجرحا وعاد الموفق عشاء يومه مظفرا ثم بكر من الغد للقتال وأمر نصيرا قائد السفن بقصد القنطرة التي كان الخبيث عملها في نهر أبى الخصيب دون القنطرة التي كان اتخذها وفرق العسكر في الجهات فدخل نصير في أول المد ولصق بالقنطرة واتصل الشد من ورائه فلم يقدر على الرجوع حتى حسر الماء عنها وفطن لها الزنج فقصدوها فألقى الملاحون أنفسهم في الماء وألقى نصير نفسه وقاتل ابن جامع ذلك اليوم أشد قتال ثم انهزم وسقط في الحريق فاحترق ثم خلص بعد الجهد وانصرف الموفق سالما وأصابه مرض المفاصل واتصل به إلى شعبان من سنته فامسك في هذه المدة عن الحرب حتى أبلى فأعاد الخبيث القنطرة التي غرق عندها نصير وزاد فيها وأحكمها وجعل امامها سكرا من الحجارة ليضيق المدخل على السفن فبعث الموفق طائفة من شرقي نهر أبى الخصيب وطائفة من بحرية ومعهم الفعلة لقطع القنطرة وجعل امامها سفنا مملوءة من القصب لتصيبها النار بالنفط فيحترق الجسر وفرق جنده على القتال وساروا لما أمرهم عاشر شوال وتقدموا إلى الجسر ولقيهم أنكلاي بن الخبيث وابن أبان وابن جامع وحاموا عن القنطرة لعلمهم بما في قطعها من المضرة عليهم ودامت الحرب عليها إلى العشى ثم غلبهم أصحاب الموفق عليها ونقضها النجارون ونقضوا الاثقال التي دونها وأدخلوا السفن بالقصب وأضرموها نارا ووافت القنطرة فأحرقتها ووصل النجارون بذلك إلى ما أرادوا وسهل سبيل السفن في النهر وقتل من الزنج خلق واستأمن آخرون وانتقل الخبيث بعد حرق قصوره ومساكن أصحابه إلى الجانب الشرقي من نهر أبى الخصيب ونقل أسواقه إليه وتين ضعفه فانقطعت عنه الميرة وفقدت الأقوات وغلت حتى أكل بعضهم بعضا وأجمع الموفق أن يحرق الجانب الشرقي كما أحرق الغربي فقصد دار الهمذان وكان حصينا وعليه الآلات فلما انتهى إليها تعذر الصعود لعلو السور فرموا بالكلاليب ونشبت في أعلام الخبيث وجذبوها فتساقطت فانهزم المقاتلة وصعد النفاطون فأحرقوا ما كان عليها من الآلة ونهبوا الأثاث والمتاع واتصل الحريق بما حولها من الدور واستأمن للموفق جماعة من خاصة الخبيث
(٣٢٥)