لابن طولون وكان أحمد بن طولون قد خطب ولايتها من الموفق يريد أن يجعلها ركابا لجهاده لخبرته بأحوالها وكان يردد الغزو من طرسوس إلى بلاد الروم قبل ولاية مصر فلم يجبه الموفق وولى عليها الموفق محمد بن هارون الثعلبي واعترضه السراة أصحاب مساور وهو مسافر في دجلة فقتلوه فولى مكانه أما جور بن أولغ بن طرخان من الترك فسار إليها وكان غرا جاهلا فأساء السيرة ومنع أقران أهل كركرة ميرتهم وكتبوا إلى أهل طرسوس يشكون فجمعوا لهم خمسة عشر ألف دينار فأخذها أما جور لنفسه وأبطأ على أهل القلعة شأنها فنزلوا عنها وأعطوها الروم وكثر أسف أهل طرسوس لذلك بما كانت ثغرهم وعينا لهم على العدو وبلغ ذلك المعتمد فكتب لأحمد بن طولون بولايتها وفوض إليه امر الثغور فوليها واستعمل فيها من يحفظ الثغر ويقيم الجهاد وقارن ذلك وفاة أما جور عامل دمشق وملك ابن طولون الشأم جميعها كما ذكرناه قبل وفى سنة أربع وستين غزا بالصائفة عبد الله بن رشيد بن كاوس في أربعين ألفا من أهل الثغور الشامية فأثخن فيهم وغنم ورجع فلما رحل عن البدبدون خرج عليه بطريق سلوقية وقره كوكب وحرسية وأحاطوا بالمسلمين فاستمات المسلمون واستلحمهم الروم بالقتل ونجا فلهم إلى الثغر وأسر عبد الله بن كاوس وحمل إلى القسطنطينية وفى سنة خمس وستين خرج خمسة من بطارقة الروم إلى أذنة فقتلوا وأسروا والى الثغور أوخرد فعزل عنها وأقام مرابطا وبعث ملك الروم بعبد الله بن كاوس ومن معه من الأسرى إلى أحمد بن طولون وأهدى إليه عدة مصاحف وفى سنة ست وستين لقى أسطول المسلمين أسطول الروم عند صقيلة فظفر الروم بهم ولحق من سلم منهم بصقلية وفيها خرجت الروم على ديار ربيعة واستنفر الناس ففروا ولم يطيقوا دخول الدرب لشدة البرد فيها وغزا عامل ابن طولون على الثغور الشامية في ثلثمائة من أهل طرسوس واعترضهم أربعة آلاف من الروم من بلاد هرقل فنال المسلمون منهم أعظم النيل وفى سنة ثمان وستين خرج ملك الروم وفيها غزا بالصائفة خلف الفرغاني عامل ابن طولون على الثغور الشامية فأثخن ورجع وفى سنة سبعين زحف الروم في مائة ألف ونزلوا قلمية على ستة أميال من طرسوس فخرج إليهم بازيار فهزمهم وقتل منهم سبعين ألفا وجماعة من البطارقة وقتل مقدمهم بطريق البطارقة وغنم منهم سبع صلبان ذهبا وفضة وكان أعظمها مكللا بالجواهر وغنم خمسة عشر ألف دابة ومن السروج والسيوف مثل ذلك وأربع كراسي من ذهب ومائتين من فضة وعشرين علما من الديباج وآنية كثيرة وفى سنة ثلاث وسبعين غزا بالصائفة بازيار وتوغل في أرض الروم وقتل وغنم وأسر وسبى وعاد إلى طرسوس وفى سنة ثمان وسبعين دخل أحمد الجعفي طرسوس وغزا
(٣٣٨)