وكان ابن جامع قد صعد في النهر وأتى أبا العباس من ورائه وخفقت طبوله فانكشف أصحاب أبي العباس ورجع منهزمة الزنج فأجبت جماعة من غلمان الموفق وعدة من أعلامهم وحامى أبو العباس عن أصحابه حتى خلصوا وقوى الزنج بهذه الواقعة فاجمع الموفق العبور إلى مدينتهم بعسكره فعبى الناس لذلك من الغداة آخر ذي الحجة واستكثر من المعابر والسفن وقصدوا حصن أو كان بالمدينة وفيها أنكلاي بن الخبيث وابن جامع وابن أبان وعليه المجانيق والآلات فأمر غلمانه بالدنو منه فخاموا لاعتراض نهر لأتراك بينهم وبينه فصاح بهم فقطعوا النهر سبحا وتناولوا الركن بالسلاح يهدمونه ثم صعدوا عليه وملكوه ونصبوا به علم الموفق وأحرقوا ما كان عليه من الآلات وقتلوا من الزنج خلقا عظيما وكان أبو العباس يقاتلهم من الناحية الأخرى وابن أبان قبالته فهزمه ووصل أصحاب أبي العباس إلى السور فثلموه ودخلوا ولقيهم ابن جامع فقاتلهم حتى ردهم إلى مواقفهم ثم توافي الفعلة فثلموا السور في مواضع ونصبوا على الخندق جسرا عبر عليه المقاتلة فانهزم الزنج عن السور واتبعهم أصحاب الموفق يقتلونهم إلى دير ابن سمعان فملكه أصحاب الموفق وأحرقوه وقاتلهم الزنج هناك ثم انهزموا فبلغوا ميدان الخبيث فركب من هنالك وانهزم عنه أصحابه وأظلم الليل ورجع الموفق بالناس وتأخر أبو العباس لحمل بعض المستأمنين في السفن واتبعه بعض الزنج ونالوا من آخر السفن وكان بهبود بإزاء مسرور البلخي فنال من أصحابه واستأمن بعض المنهزمين من الزنج والاعراب بعثوا بذلك من عبادان والبصرة وكان منهم قائده ريحان أبو صالح المعرى فأمنهم الموفق وأحسن إليهم وضم ريحان إلى أبي العباس وخرج في المحرم إلى الموفق من قواد الخبيث وثقاته جعفر بن إبراهيم المعروف بالسجان فأحسن إليه الموفق وحمله في بعض السفن إلى قصر الخبيث فوقف وكلم الزنج في ذلك وأقام الموفق أياما استجم فيها أصحابه فلما كان منتصف ربيع الثاني قصد مدينة الخبيث وفرق القواد على جهاتها ومعهم النقابون للسور ومن ورائهم الرماة يحمونهم وتقدم إليهم أن لا يدخلوا بعد الهزم الا باذنه فوصلوا إلى السور وثلموه وحاربوا الزنج من ورائه وهزموهم وبلغوا أبعد مما وصلوا إليه بالأمس ثم تراجع الزنج وحاربوا من المكامن فرجع أصحاب الموفق نحو دجلة بعد أن نال منهم الزنج ورجع الموفق إلى مدينته ولام أصحابه على تقدمهم بغير اذنه ثم بلغ الموفق ان بعض الاعراب من بنى تميم يجلبون الميرة إلى الزنج فبعث إليهم عسكرا أثخنوا فيهم قتلا وأسرا وجئ بالأسرى فقتلهم وأوعز إلى البصرة بقطع الميرة فانقطعت عن الزنج بالكلية وجهدهم الحصار وكثير المستأمنة وافترق كثير من الزنج في القرى والأمصار البعيدة وبث الموفق دعاته فيهم ومن أبى قتلوه وعرض
(٣٢٣)