كتبت إلى موسى قبل أن يفوت في المعتز أمره فجاءه كتابها وقد بعث مفلحا لحرب الحسن بن زيد العلوي فحربه بطبرستان فغلبه وأحرق قصوره بآمد وخرج في اتباعه إلى الديلم فكتب إلى موسى بالرجوع لمداهمة من شاء وبينما هو في استقدامه وانتظاره قتل المعتز وبويع المهتدى وبلغ أصحابه ما حواه صالح من أموال المعتز وكتابه وأمه فشرهوا إلى مثل ذلك وأغروا موسى بالمسير إلى سامرا ورجع مفلح من بلاد الديلم إليه وهو بالري فسار نحو سامرا وسمع المهتدى بذلك فكتب إليه بالمقام ويحذره على ما وراءه من العلويين فلم يصغ لذلك وأفحش أصحابه في إساءة الرسل الواصلين بالكتب فكتب بالاعتذار واحتج بما عاينه الرسل وأنه يخشى أن يقتله أصحابه ان عادوا إلى الري وصالح بن وصيف في خلال ذلك يغرى به المهتدى وينسبه إلى المعصية والخلاف إلى أن قدم في المحرم سنة ست وخمسين ودخل في التبعية فاختفى صالح بن وصيف ومضى موسى إلى الجوسق والمهتدى جالس للمظلوم فأعرض له عن الاذن ساعة ارتاب فيها هو وأصحابه وظنوا أنه ينتظر قدوم صالح بالعساكر ثم أذن لهم فدخلوا وقبضوا على المهتدى وأودعوه دار باجورة وانتهبوا ما كان في الجوسق واستغاث المهتدى بموسى فعطف عليه ثم أخذ عليه العهود والايمان أن لا يوالي صالحا وأن باطنه وظاهره في موالاتهم سواء فجددوا له البيعة واستبد موسى بالأمر وبعث إلى صالح للمطالبة بما احتجبه من الأموال فلم يوقف له على أثر وأخذوا في البحث عنه وفى آخر المحرم أحضر المهتدى كتابا رفعه إليه سيما الشرابي زعم أن امرأة دفعته إليه وغابت فلم يرها وحضر القواد وقرأه سليمان بن وهب عليهم وهو بخط صالح يذكر ما صار إليه من الأموال وأنه انما استتر خشية على نفسه وحسما للفتنة وابقاء على الموالى ولما قرأ الكتاب حثهم المهتدى على الصلح والاتفاق فاتهمه الأتراك بالميل إلى صالح وأنه مطلع على مكانه بذلك ثم اجتمعوا من الغد بدار موسى بن بغا داخل الجوسق واتفقوا على خلع المهتدى الا أخا بابكيال فإنه أبى من ذلك وتهددهم بأنه مفارقهم إلى خراسان واتصل الخبر بالمهتدى فاستدعاه إليه وقد نظف ثيابه وتطيب وتقلد سيفه فأرعد وأبرق وتهددهم بالاستماتة ثم حلف لا يعلم مكان صالح وقال لمحمد بن بغا وبابكيال قد حضرتما مع صالح في أمر المعتز وأموال الكتاب وأنتم شركاؤه في ذلك كله وانتشر الخبر في العامة بأنهم أرهقوه وأرادوا خلعه فطفقوا يحاذرون على الدعاء في المساجد والطرقات ويبغون على القواد بغيهم على الخليفة ويرمون الرقاع بذلك في الطرقات ثم إن الموالى بالكرخ والدور دسوا إلى المهتدى أن يبعثوا إليه أخاه أبا القاسم عبد الله بعد أن ركبوا
(٢٩٨)