واتصل الحصار واشتدت الحرب وانتهبت الأسواق وورد الخبر من الثغور بأن بلكاجور حمل الناس على بيعة المعتز فقال ابن طاهر لعله ظن موت المستعين فكان كذلك ووصل كتابه بأنه جدد البيعة وكان موسى بن بغا مع الأتراك كما قدمنا فأراد الرجوع على المستعين فامتنع أصحابه وقاتلوه فلم يتم له أمره وفر القعاطون من البصرة ورموا على الأتراك فأحرقوهم فبعث ابن طاهر إلى المدائن ليحفظها وأمده بثلاثة آلاف فارس وبعث إلى الأنبار حوبة بن قيس فشق الماء إلى خندقها من الفرات وجاء إلى الإسحاقي من قبل المعتز فسبق المدد الذي جاء من قبل ابن طاهر وملك الأنبار ورجع حوبة إلى بغداد فأنفذ ابن طاهر الحسين بن إسماعيل في جماعة من القواد والجند فاعترضه الأتراك وحاربوه وعاد الأنبار وتقدم هو لينزل عليهما وبينما هو يحط الاثقال إذا بالأتراك فقاتلهم وهزمهم وأثخن فيهم وكانوا قد كمنوا له فخرج الكمين وانهزم الحسين وغرق كثير من أصحابه في الفرات وأخذ الأتراك عسكره ووصل إلى الياسرية آخر جمادى الآخرة ومنع ابن طاهر المنهزمين من دخول بغداد وتوعدهم على الرجوع إليه وأمده بجند آخر فدخل من الياسرية وبعث على المخاض الحسين بن علي بن يحيى الأرميني في مائتي مقاتل ليمنع الأتراك من العبور إليه من عدوة الفرات فوافوه وقاتلوه عليها فهزموه وركب الحسين في زورق منحدرا وترك عسكره وأثقاله فاستولى عليها الأتراك ووصل المنهزمون إلى بغداد من ليلتهم ولحق من عسكره جماعة من القواد والكتاب بالمعتز وفيهم على ومحمد ابنا الواثق وذلك أول رجب ثم كانت بينهم عدة وقعات وقتل من الفريقين خلق ودخل الأتراك في كثير من الأيام بغداد وأخرجوا عنها ثم ساروا إلى المدائن وغلبوا عليها ابن أبي السفاح وملكوها وجاء الأتراك الذين بالأنبار إلى الجانب الغربي وانتهوا إلى صرصر وقصر ابن هبيرة واتصل الحصار إلى شهر ذي القعدة وخرج ابن طاهر في بعض أيامه في جميع القواد والعساكر فقاتلهم وانهزموا وقتل منهم خلق وارتقم الذين كانوا مع بغا ووصيف لذلك فلحقوا بالأتراك ثم تراجع الأتراك وانهزم أهل بغداد ثم خرج في ذي الحجة رشيد بن كاووس أخو الأفشين ساعيا في الصلح بين الفريقين واتهم الناس ابن طاهر بالسعي في خلع المستعين فلما جاء رشيد وأبلغهم سلام المعتز وأخيه أبى أحمد شتموه وشتموا ابن طاهر وعمدوا إلى دار رشيد ليهدموها وسأل ابن طاهر من المستعين أن يسكنهم فخرج إليهم ونهاهم وبرأ ابن طاهر مما اتهموه به فانصرفوا وترددت الرسل بين ابن طاهر وبين أبى أحمد فتجدد للعامة والجند سوء الظن وطلب الجند أرزاقهم فوعدهم بشهرين وأمرهم بالنزول فأبوا إلا أن يعلمهم الصحيح من رأيه في المستعين وخاف
(٢٨٩)