ولما مات الرشيد بويع الأمين في العسكر صبيحة يومه والمأمون يومئذ بمرو وكتب حموية مولى المهدى صاحب البريد إلى نائبه ببغداد وهو سلام أبو مسلم يعلمه بوفاة الرشيد وهنأه بالخلافة فكان أول من فعل ذلك وكتب صالح إلى أخيه الأمين مع رجاء الخادم بوفاة الرشيد وبعث معه بالخاتم والبردة والقضيب فانتقل الأمين من قصره بالخلد إلى قصر الخلافة وصلى بالناس الجمعة وخطب ثم نعى الرشيد وعزى نفسه والناس وبايعته جملة أهله ووكل سليمان بن المنصور وهم عم أبيه وأمه بأخذ البيعة على الفواد وغيرهم ووكل السندي بأخذ البيعة على الناس سواهم وفرق في الجند ببغداد رزق سنين وقدمت أمه زبيدة من الرقة فلقيها الأمين بالأنبار في جمع من بغداد من الوجوه وكان معها خزائن الرشيد وكان قد كتب إلى معسكر الرشيد وهو حي مع بكر بن المعتمر لما اشتدت علة الرشيد والى المأمون بأخذ البيعة لهما وللمؤتمن أخيهما والى أخيه صالح بالقدوم بالعسكر والخزائن والأموال برأى الفضل والى الفضل بالاحتفاظ على ما معه من الحرم والأموال وأقر كل واحد على عمله كصاحب الشرطة والحرس والحجابة وكان الرشيد قد سمع بوصول بكر بالكتاب فدعاه ليستخرجها سنه فجحدها فضربه وحبسه ثم مات الرشيد وأحضره الفضل فدفعها إليه ولما قرؤا الكتاب تشاورا في اللحاق بالأمين وارتحل الفضل بالناس لهواهم في وطنهم وتركوا عهود المأمون فجمع المأمون من كان عنده من قواد أبيه وهم عبد الله بن مالك ويحيى بن معاذ وشبيب ابن حميد بن قحطبة والعلاء مولى الرشيد وكان على حجابته والعباس بن المسيب بن زهير وكان على شرطته وأيوب بن أبي سمير وهو على كتابته وعبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح وذو الرياستين الفضل بن سهل وهو أخصهم به وأحظاهم عنده فأشار بعضهم أن يركب في اثرهم ويردهم ومنعه الفضل من ذلك وقال أخشى عليك منهم ولكن تكتب وترسل رسولك إليهم تذكرهم البيعة والوفاء وتحذرهم الحنث فبعث سهل بن صاعد ونوفلا الخادم بكتابه إليهم بنيسابور فقرأ الفضل كتابه وقال أنا واحد من الجند وشد عبد الرحمن برجليه على سهل ليطعنه بالرمح وقال لو كان صاحبك حاضرا لوضعته فيه وسب المأمون وانصرفوا ورجع سهل ونوفل بالخبر إلى المأمون فقال له الفضل ابن سهل هؤلاء أعدا استرحت منهم وأنت بخراسان وقد خرج بها المقنع وبعده يوسف البر فتضعضعت لهما الدولة ببغداد وأنت رأيت عند خروج رافع بن الليث كيف كان الحال وأنت اليوم نازل في أخوالك وبيعتك في أعناقهم فاصبر وأنا أضمن لك الخلافة فقال المأمون قد فعلت وجعلت الامر إليك فقال إن عبد الله بن ما والقواد أنفع لك منى لشهرتهم وقوتهم وأبا خادم لمن يقوم أمرك منهم حتى ترى رأيك
(٢٣٠)