المدينة لقتال محمد فسار في الجنود ومعه محمد بن أبي العباس بن السفاح وكثير ابن حصين العبدي وحميد بن قحطبة وهوازمرد وغيرهم فقال له ان ظفرت فأعمد سيفك وابذل الأمان وان تغيب فخذ أهل المدينة فإنهم يعرفون مذاهبه ومن لقيك من آل أبي طالب فعرفني به ومن لم يلقك فاقبض ماله وكان جعفر الصادق فيمن تغيب فقبض ماله ويقال انه طلبه من المنصور لما قدم بالمدينة بعد ذلك فقال قبضه مهديكم ولما وصل عيسى إلى فئته كتب إلى نفر من أهل المدينة ليستدعيهم منهم عبد العزيز بن المطلب المخزومي وعبيد الله بن محمد بن صفوان الجمحي وعبد الله ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب فخرج إليه عبد الله هو وأخوه عمر وأبو عقيل محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل واستشار المهدى أصحابه في القيام بالمدينة ثم في الخندق عليها فأمر بذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وحفر الخندق الذي حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم للأحزاب ونزل عيسى الاعرض وكان محمد قد منع الناس من الخروج فخيرهم فخرج كثير منهم بأهلهم إلى الجبال وبقي في شرذمة يسيرة ثم تدارك رأيه وأمر أبا الغلمش بردهم فأعجزوه ونزل عيسى على أربعة أميال من المدينة وبعث عسكرا إلى طريق مكة يعترضون محمدا ان انهزم إلى مكة وأرسل إلى المهدى بالأمان والدعاء إلى الكتاب والسنة ويحذره عاقبة البغي فقال انما أنا رجل فررت من القتل ثم نزل عيسى بالحرف لاثنتي عشرة من رمضان سنة خمس وأربعين فقام يومين ثم وقف على مسلم ونادى بالأمان لأهل المدينة وأن تخلوا بينه وبين صاحبه فشتموه فانصرف وعاد من الغد وقد فرق القواد من سائر جهات المدينة وبرز محمد في أصحابه ورايته مع عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير وشعارهم أحد أحد وطلب أبو الغلمش من أصحابه البراز فبرز إليه أخو أسد فقتله ثم آخر فقتلوا وقال أنا ابن الفاروق وأبلى محمد المهدى يومئذ بلاء عظيما وقتل بيده سبعين رجلا ثم أمر عيسى بن موسى حميد بن قحطبة فتقدم في مائة من الرجال إلى حائط دون الخندق فهدمه وأجازوا الخندق وقاتلوا من ورائه وصابرهم أصحاب محمد إلى العصر ثم أمر عيسى أصحابه فرموا الخندق بالحقائب ونصبوا عليها الأبواب وجازت الخيل واقتتلوا وانصرف محمد فاغتسل وتحنط ثم رجع فقال اترك أهل المدينة والله لا أفعل أو أقتل وأنت منى في سعة فمشى قليلا معه ثم رجع وافترق عنه جل أصحابه وبقي في ثلثمائة أو نحوها فقال له بعض أصحابه نحن اليوم في عدة أهل بدر وطفق عيسى بن حصين من أصحابه يناشده في اللحاق بالبصرة أو غيرها فيقول والله لا تبتلون بي مرتين ثم جمع بين الظهر والعصر ومضى فأحرق الديوان الذي فيه أسماء من بايعهم وجاء إلى السجن
(١٩٢)