هذه المسألة إلا أن المتأخرين لما نقلوا الحكم المذكور عن كلام المتقدمين ولم يصل إليهم مما يظن دلالته عليه إلا هذه الصحيحة جعلوها دليلا للمتقدمين في ما نقلوه عنهم واعترضوها بما عرفت.
والحق أن دليلهم ليس إلا عبارة الكتاب المذكور حيث قال ﴿ع﴾ (1) (وإن كنت تصلي على الجنازة وقد جاءت أخرى فصل عليها صلاة واحدة بخمس تكبيرات وإن شئت استأنف على الثانية).
والصدوق في الفقيه قد أخذ معنى العبارة المذكورة فقال: ومن كبر على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين فوضعت جنازة أخرى معها فإن شاء كبر الآن عليهما خمس تكبيرات وإن شاء فرغ من الأولى واستأنف الصلاة على الثانية. انتهى نعم صحيحة علي بن جعفر المذكورة ظاهرة في مذهب ابن الجنيد ومنطبقة عليه فهي دليله ودليل المشهور إنما هي العبارة المذكورة.
وظاهر كلام الشيخ في كتابي الأخبار القول بالتشريك أيضا كما هو مذهب ابن الجنيد حيث أنه - بعد أن نقل رواية جابر المتقدمة (2) عن أبي جعفر (ع) الدالة على التكبير على الميت إحدى عشر وتسعا وسبعا وخمسا وستا وأربعا - قال ما تضمنه هذا الخبر من زيادة التكبير على الخمس مرات متروك بالاجماع ويجوز أن يكون عليه السلام أخبر عن فعل النبي صلى الله عليه وآله بذلك لأنه كان يكبر على جنازة واحدة أو اثنتين فكان يجاء بأخرى فيبتدئ من حيث انتهى خمس تكبيرات فإذا أضيف إلى ما كان كبر زاد على الخمس تكبيرات وذلك جائز على ما سنبينه في ما بعد إن شاء الله تعالى. انتهى ومما حررناه في المقام يظهر لك أن في المسألة قولين: (أحدهما) - القول بالتشريك كما ذهب إليه ابن الجنيد وهو ظاهر الشيخ كما عرفت، وعليه تدل صحيحة علي بن جعفر المذكورة (الثاني) - القول بالتخيير بين القطع والاستئناف عليهما والاتمام على الأولى ثم الصلاة على الثانية كما هو القول المشهور، ومستنده ما عرفت